المؤمنين لله - تعالى - في الآخرة، لأنه سبحانه - هو الملك وحده في تلك الدار: (لمن الملك اليوم لله الواحد القهار) (غافر: 16).
* والخلاصة: أن تنوع القراءات، يقوم مقام تعدد الآيات، وذلك ضرب من ضروب البلاغة، يبتدئ من جمال هذا الإيجاز، وينتهي إلى كمال الإعجاز.
أضف إلى ذلك ما في تنوع القراءات من البراهين الساطعة، والأدلة القاطعة على أن القرآن كلام الله، وعلى صدق من جاء به وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن هذه الاختلافات في القراءة على كثرتها لا تؤدي إلى تناقض في المقروء وتضاد، ولا إلى تهافت وتخاذل، بل القرآن كله على تنوع قراءاته، يصدق بعضه بعضا، ويبين بعضه بعضا، ويشهد بعضه لبعض، على نمط واحد في علو الأسلوب والتعبير، وهدف واحد من سمو الهداية والتعليم، وذلك - من غير شك - يفيد تعدد الإعجاز بتعدد القراءات والحروف.
ومعنى هذا: أن القرآن يعجز إذا قرئ بهذه القراءة، ويعجز أيضا إذا قرىء بهذه القراءة الثانية، ويعجز أيضا إذا قرئ بهذه القراءة الثالثة، وهلم جرا. ومن هنا تتعدد المعجزات بتعدد تلك الوجوه والحروف!
ولا ريب أن ذلك أدل على صدق محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه أعظم في اشتمال القرآن على مناح جمة في الإعجاز وفي البيان، على كل حرف ووجه، وبكل لهجة ولسان: (ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم) (الأنفال: 42).
ولقد كان الثعالبي - رحمه الله - يكثر من إيراد القراءات متواترة وشاذة، وكان معتمده الأول على تفسير ابن عطية، فكان ينقل منه مواضع القراءات ووجوهها.
ومن أمثلة نقله للقراءات:
1 - في قوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) (البقرة: 184) قال:
قرأ باقي السبعة غير نافع وابن عامر: " فدية " بالتنوين، " طعام مسكين " بالإفراد. قال: " وهي قراءة حسنة.. ".
2 - في قوله تعالى: (فاذكروا اسم الله عليها صواف) (الحج: 36) قال: وقرأ ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وغيرهم: " صوافن " جمع: صافنة، وهي التي رفعت إحدى يديها بالعقل، لئلا تضطرب، ومنه في الخيل: (الصافنات الجياد) (ص: 31).
3 - وفي قوله تعالى: (وامسحوا برءوسكم وأرجلكم) (المائدة: 6) قال: وقرأ