التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٢٦
وبدون إجبار عند الشافعي حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك حسبما ورد في حديث ابن عمر حين طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له مرة فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك واشترط مالك أن يطلقها في طهر لم يمسها فيه ليعتد بذلك الطهر فإنه إن طلقها في طهر بعد أن جامعها فيه فلا تدري هل تعتد بالوضع أو بالأقراء فليس طلاقا لعدتها كما أمر الله * (وأحصوا العدة) * أمر بذلك لما ينبني عليها من الأحكام في الرجعة والسكني والميراث وغير ذلك " لاتخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن " نهى الله سبحانه وتعالى أن يخرج الرجل المرأة المطلقة من المسكن الذي طلقها فيه ونهاها هي أن تخرج باختيارها فلا يجوز لها المبيت خارجا عن بيتها ولا أن تغيب عنه نهارا إلا لضرورة التصرف وذلك لحفظ النسب وصيانة المرأة فإن كان المسكن ملكا للزوج أو مكترى عنده لزمه إسكابها فيه وإن كان المسكن لها فعليه كراؤه مدة العدة وإن كانت قد أمتعته فيه مدة الزوجية ففي لزوم خروج العدة له قولان في المذهب والصحيح لزومه لأن الامتناع قد انقطع بالطلاق * (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) * اختلف في هذه الفاحشة التي أباحت خروج المعتدة ما هي على خمسة أقوال الأول أنها الزنا فتخرج لإقامة الحد قاله الليث بن سعدو والشعبي الثاني أنه سوء الكلام مع الأصهار فتخرج ويسقط حقها من السكني ويلزمها الإقامة في مسكن تتخذه حفظا للنسب قاله ابن عباس ويؤيده قراءة أبي بن كعب إلا أن يفحشن عليكم الثالث أنه جميع المعاصي من القذف والزنا والسرقة وغير ذلك فمتى فعلت شيئا من ذلك سقط جقها في السكني قاله ابن عباس أيضا وإليه مال الطبري الرابع أنه الخروج عن بيتها خروج انتقال فمتى فعلت ذلك سقط حقها في السكني قاله ابن الفرس وإلى هذا ذهب مالك في المرأة إذا نشزت في العدة الخامس أنه النشوز قبل الطلاق فإذا طلقها بسبب نشوزها فلا يكون عليه سكني قاله قتادة * (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) * المراد به الرجعة عند الجمهور أي أحصوا العدة وامتثلوا ما أمرتم به لعل الله يحدث الرجعة لنسائكم وقيل إن سبب الرجعة المذكورة في الآية تطليق النبي صلى الله عليه وسلم لحفصة بنت عمر فأمره الله بمراجعتها * (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف) * يريد آخر العدة والإمساك بمعروف هو تحسين العشرة وتوفية النفقة والفراق بالمعروف هو أداء الصداق والإمتاع حين الطلاق والوفاء بالشروط ونحو ذلك * (وأشهدوا ذوي عدل منكم) * هذا خطاب للأزواج والمأمور به هو الإشهاد على الرجعة عند الجمهور وقد اختلف فيه هل هو واجب أو مستحب على قولين في المذهب وقال ابن عباس هو الشهادة على الطلاق وعلى الرجعة وهذا أظهر لأن الإشهاد به يرفع الإشكال والنزاع ولا فرق في هذا بين الرجعة والطلاق وقد ذكرنا العدالة في البقرة وقوله ذوي عدل يدل على أنه إنما يشهد في الطلاق والنكاح الرجال دون النساء وهو مذهب مالك خلافا لمن أجاز شهادة النساء في ذلك وقوله منكم يريد من المسلمين وقيل من الأحرار فيؤخذ من ذلك رد
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»