ماؤكم غورا) الآية احتجاج على المشركين والغور مصدر وصف به فهو بمعنى غاير أي ذاهب في الأرض والمعين الكثير واختلف هل وزنه فعيل أو مفعول فالمعنى إن غار ماؤكم الذي تشربون هل يأتيكم غير الله بماء معين سورة القلم * (ن) * حرف من حروف الهجاء وقد تقدم الكلام عليها في البقرة ويختص ن بأنه قيل إنه حرف من الرحمن فإن حروف الرحمن ألف ولام وراء وحاء وميم ون وقيل إن نون هنا يراد به الحوت وزعموا أنه الحوت الأعظم الذي عليه الأرضون السبعة وهذا لا يصح على أن نون بمعنى الحوت معروف في اللغة ومنه ذو النون وقيل إن نون هنا يراد به الدواة وهذا غير معروف في اللغة ويبطل قول من قال إنه الحوت أو الدواة بأنه لو كان كذلك لكان معربا بالرفع أو النصب أو الخفض ولكان في آخره تنوين فكونه موقوفا دليل على أنه حرف هجاء نحو ألم وغيره من حروف الهجاء الموقوفة * (والقلم وما يسطرون) * اختلف فيه على قولين أحدهما أنه القلم الذي كتب به اللوح المحفوظ فالضمير في يسطرون للملائكة والآخر أنه القلم المعروف عند الناس أقسم الله به لما فيه من المنافع والحكم والضمير في يسطرون على هذا لبني آدم * (ما أنت بنعمة ربك بمجنون) * هذا جواب القسم وهو خطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم معناه نفي نسبة الكفار له من الجنون وبنعمة ربك اعتراض بين ما وخبرها كما تقول أنت بحول الله أفضل والمجرور في موضع الحال وقال الزمخشري إن العامل فيه بمجنون * (غير ممنون) * ذكر في فصلت * (وإنك لعلى خلق عظيم) * هذا ثناء على خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة رضي الله عنها كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن تعني التأدب بآدابه وامتثال أوامره وعبر ابن عباس عن الخلق بالدين والشرع وذلك رأس الخلق وتفصيل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع كل فضيلة وحاز كل خصلة جميلة فمن ذلك شرف النسب ووفور العقل وصحة الفهم وكثرة العلم وشدة الحياء وكثرة العبادة والسخاء والصدق والشجاعة والصبر والشكر والمروءة والتودد والاقتصاد والزهد والتواضع والشفقة والعدل والعفو وكظم الغيظ وصلة الرحم وحسن المعاشرة وحسن التدبير وفصاحة اللسان وقوة الحواس وحسن الصورة وغير ذلك حسبما ورد في أخباره وسيره صلى الله عليه وسلم ولذلك قال عليه الصلاة والسلام بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وقال الجنيد سمى خلقه عظيما لأنه لم تكن له همة سوى الله عز وجل * (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون) * قيل إن المفتون هنا بمعنى المجنون ويحتمل غير ذلك من معاني الفتنة والخطاب في قوله فستبصر للنبي صلى الله عليه وسلم وفي قوله ويبصرون لكفار قريش واختلف في الباء في قوله بأيكم على أربعة أقوال الأول أنها زائدة الثاني أنها غير زائدة والمعنى بأيكم الفتنة فأوقع المفتون موقع الفتنة كقولهم ماله معقول أي عقل الثالث أن الباء بمعنى في والمعنى في أي
(١٣٧)