التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٢٥
حق تقاته وروى أنه لما نزل حق تقاته شق ذلك على الناس حتى نزل ما استطعتم وقيل لا نسخ بينهما لأن حق تقاته معناه فيما استطعتم إذ لا يمكن أن يفعل أحد إلا ما يستطيع وهذه الآية على هذا مبينة لتلك وتحرز بالاستطاعة من الاكراه والنسيان ومالا يؤاخذ به العبد وإعراب ما في قوله ما استطعتم ظرفيه * (خيرا لأنفسكم) * منصوب بإضمار فعل لا يظهر عند سيبويه وقيل هو مفعول بأنفقوا لأن الخير بمعنى المال وقيل هو نعت لمصدر محذوف تقديره أنفقوا إنفاقا خيرا لأنفسكم * (ومن يوق شح نفسه) * ذكر في الحشر * (إن تقرضوا) * ذكر في البقرة " والله شكور حكيم " ذكر في اللغات سورة الطلاق * (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء) * إن قيل لم نودي النبي صلى الله عليه وسلم وحده ثم جاء بعد ذلك خطاب الجماعة فالجواب أنه لما كان حكم الطلاق يشترك فيه النبي صلى الله عليه وسلم وأمته قيل إذا طلقتم خطابا له ولهم وخص هو عليه الصلاة والسلام بالنداء تعظيما له كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم يا فلان افعلوا أي افعل أنت وقومك ولأنه عليه الصلاة والسلام هو المبلغ لأمته فكأنه قال يا أيها النبي إذا طلقت أنت وأمتك وقيل تقديره يا أيها النبي قل لأمتك إذا طلقتم وهذا ضعيف لأنه يقتضي أن هذا الحكم مختص بأمته دونه وقيل إنه خوطب النبي صلى الله عليه وسلم بطلقتم تعظيما له كما تقول للرجل المعظم أنتم فعلتم وهذا أيضا ضعيف لأنه يقتضي اختصاصه عليه الصلاة والسلام بالحكم دون أمته ومعنى إذا طلقتم هنا إذا أردتم الطلاق واختلف في الطلاق هل هو مباح أو مكروه فأما إذا كان على غير وجه السنة فهو ممنوع ولكن يلزم وأما اليمين بالطلاق فممنوع * (فطلقوهن لعدتهن) * تقديره طلقوهن مستقبلات لعدتهن ولذلك قرأ عثمان وابن عباس وأبي بن كعب فطلقوهن في قبل عدتهن وقرأ ابن عمر لقبل عدتهن ورويت القراءتان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنى ذلك كله لا يطلقها وهي حائض فهو منهى عنه بإجماع لأنه إذا فعل ذلك لم يقع طلاقه في الحال التي أمر الله بها وهو استقبال العدة واختلف في النهي عن الطلاق في الحيض هل هو معلل بتطويل العدة أو هو تعبد والصحيح أنه معلل بذلك وينبني على هذا الخلاف فروع منها هل يجوز إذا رضيت به المرأة أم لا ومنها هل يجوز طلاقها في الحيض وهي حامل أم لا ومنها هل يجوز طلاقها قبل الدخول وهي حائض أم لا فالتعليل بتطويل العدة يقتضي جواز هذه الفروع والتعبد يقتضي المنع ومن طلق في الحيض لزمه الطلاق ثم يؤمر بالرجعة على وجه الإجبار عند مالك
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»