المتوفي عنها زوجها إذا كانت حاملا فلا نفقة لها عند مالك والجمهور لأنهم رأوا أن هذه الآية إنما هي في المطلقات وقال قوم لها النفقة في التركة * (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) * المعنى إن أرضع هؤلاء الزوجات االمطلقات أولادكم فآتوهن أجرة الرضاع وهي النفقة وسائر المؤن حسبما ذكر في كتب الفقه " وائتمروا بينكم بمعروف " هذا خطاب للرجال والنساء والمعنى أن يأمر كل واحد صاحبه بخير من المسامحة والرفق والإحسان وقيل معنى ائتمروا تشاوروا ومنه إن الملأ يأتمرون بك * (وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى) * المعنى إن تشططت الأم على الأب في أجرة الرضاع وطلبت منه كثيرا فللأب أن يسترضع لولده امرأة أخرى بما هو أرفق له إلا أن لا يقبل الطفل غير ثدي أمه فتجبر حينئذ على رضاعه بأجرة مثلها ومثل الزوج * (لينفق ذو سعة من سعته) * أمر بأن ينفق كل واحد على مقدار حاله ولا يكلف الزوج مالا يطيق ولا تضيع الزوجة بل يكون الحال معتدلا وفي الآية دليل على أن النفقة تختلف باختلاف أحوال الناس وهو مذهب مالك خلافا لأبي حنيفة فإنه اعتبر الكفاية ومن عجز عن نفقة امرأته فمذهب مالك والشافعي أنها تطلق عليه خلافا لأبي حنيفة وإن عجز عن الكسوة دون االنفقة ففي التطليق عليه قولان في المذهب * (فحاسبناها حسابا شديدا) * أي حاسبنا أهلها قيل يعني الحساب في الآخرة وكذلك العذاب المذكور بعده وقيل يعني في الدنيا وهذا أرجح لأنه ذكر عذاب الآخرة بعد ذلك في قوله أعد الله لهم عذابا شديدا أو لأن قوله حاسبناها وعذبناها بلفظ الماضي فهو حقيقة فيما وقع مجاز فيما لم يقع فمعنى حاسبناها أي آخذناهم بذنوبهم ولم يغتفر لهم شئ من صغائرها والعذاب هو عقابهم في الدنيا والنكر هو الشديد الذي لم يعهد مثله * (قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا) * الذكر هنا هو القرآن والرسول هو محمد صلى الله عليه وسلم وإعراب رسولا مفعول بفعل مضمر تقديره أرسل رسولا وهذا الذي اختاره ابن عطية وهو أظهر الأقوال وقيل إن الذكر والرسول معا يراد بهما القرآن والرسول على هذا بمعنى الرسالة وقيل إنهما يراد بهما القرآن على حذف مضاف تقديره ذكرا ذا رسول وقيل رسولا مفعول بالمصدر الذي هو الذكر وقال الزمخشري الرسول هو جبريل بدل من الذكر لأنه نزل به أو سمى ذكرا لكثرة ذكره لله وهذا كله بعيد * (ومن الأرض مثلهن) * لا خلاف أن السماوات سبع وأما الأرض فاختلف فيها فقيل إنها سبع أرضين لظاهر هذه الآية ولقوله صلى الله عليه وسلم من غصب شبرا من أرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين وقيل إنما هي واحدة فقوله مثلهن على القول الأول يعني به المماثلة في العدد وعلى القول الثاني يعني به المماثلة في
(١٢٩)