أوتوا العلم من قبله) يعني المؤمنين من أهل الكتاب وقيل الذين كانوا على الحنيفية قبل البعثة كزيد بن عمرو بن نوفل وورقة بن نوفل والأول أظهر وهذه الجملة تعليل لما تقدم والمعنى إن لم تؤمنوا به أنتم فقد آمن به من هو أعلم منكم * (ويخرون للأذقان) * أي لناحية الأذقان كقولهم خر لليدين وللفم والأذقان جمع ذقن وهو أسفل الوجه حيث اللحية وإنما كرر يخرون للأذقان لأن الأول للسجود والآخر للبكاء * (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن) * سببها أن الكفار سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يدعو يا الله يا رحمن فقالوا إن كان محمد ليأمرنا بدعاء إله واحد وها هو يدعو إلهين فنزلت الآية مبينة أن قوله الله أو الرحمن اسما لمسمى واحد وأنه مخير في الدعاء بأي الاسمين شاء والدعاء في الآية بمعنى التسمية كقولك دعوت ولدي زيدا لا بمعنى النداء * (أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) * أيا اسم شرط منصوب بتدعوا والتنوين فيه عوض من المضاف إليه وما زائدة للتأكيد والضمير في به لله تعالى وهو المسمى لا الاسم والمعنى أي هذين الاسمين تدعو فحسن لأن الله له الأسماء الحسنى فموضع قوله لله الأسماء الحسنى موضع الحال وهو في المعنى تعليل للجواب لأنه إذا حسنت أسماؤه كلها حسن هذان الاسمان * (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) * المخافتة هي الإسرار وسبب الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جهر بالقرآن في الصلاة فسمعه المشركون فسبوا القرآن ومن أنزله فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوسط بين الإسرار والجهر ليسمع أصحابه الذين يصلون معه ولا يسمع المشركون وقيل المعنى لا تجهر بصلاتك كلها ولا تخافت بها كلها واجعل منها سرا وجهرا حسبما أحكمته السنة وقيل الصلاة هنا الدعاء * (ولم يكن له ولي من الذل) * أي ليس له ناصر يمنعه من الذل لأنه تعالى عزيز لا يفتقر إلى ولي يحميه فنفى الولاية على هذا المعنى لأنه غني عنها ولم ينف الولاية على وجه المحبة والكرامة لمن شاء من عباده وحكى الطبري أن قوله لم يتخذ ولدا رد على النصارى واليهود والذين نسبوا لله ولدا وقوله ولم يكن له شريك رد على المشركين وقوله ولم يكن به ولي من الذل رد على الصابئين في قولهم لولا أولياء الله لذل الله " تعالى الله عن قولهم " علوا كبيرا * (وكبره) * معطوف على قل ويحتمل هذا التكبير أن يكون بالقلب وهو التعظيم أو باللسان وهو قوله أن يقول الله أكبر مع قوله الحمد لله الذين لم يتخذ ولدا الآية سورة الكهف * (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب) * العبد هنا هو النبي صلى الله عليه وسلم ووصفه بالعبودية تشريفا له
(١٨١)