التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٩٢
بشيء * (فاتخذ سبيله في البحر سربا) * فاعل اتخذ الحوت والمعنى أنه سار في البحر فقيل إن الحوت كان ميتا مملوحا ثم صار حيا بإذن الله ووقع في الماء فسار فيه وقال ابن عباس إنما حيي الحوت لأنه مسه ماء عين يقال لها عين الحياة ما مست قط شيئا إلا حيي وفي الحديث أن الله أمسك جرية الماء عن الحوت فصار مثل السراب وهو المسلك في جوف الأرض وذلك معجزة لموسى عليه السلام وقيل اتخذ الحوت سبيله في البحر سربا حتى وصل إلى البحر فعام على العادة ويرد هذا ما ورد في الحديث * (فلما جاوزا) * أي جاوزا الموضع الذي وصف له وهو الصخرة التي نام عندها فسار الحوت في البحر بينما كان موسى نائما وكان ذهاب الحوت أمارة لقائه للخضر فلما استيقظ موسى أصابه الجوع فقال لفتاه آتنا غداءنا * (نصبا) * أي تعبا * (قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة) * قال الزمخشري أرأيت هنا بمعنى أخبرني ثم قال فإن قلت ما وجه التئام هذا الكلام فإن كل واحد من أرأيت وإذ أوينا وفإني نسيت الحوت لا متعلق له فالجواب أنه لما طلب موسى الحوت ذكر يوشع ما رأى منه وما اعتراه من نسيانه فدهش ففلق يسأل موسى عن سبب ذلك فكأنه قال أرأيت ما دهاني إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت فحذف بعض الكلام * (نسيت الحوت) * أي نسيت أن أذكر لك ما رأيت من ذهابه في البحر وتقديره نسيت ذكر الحوت * (أن أذكره) * بدل من الهاء في أنسانيه وهو بدل اشتمال * (واتخذ سبيله في البحر عجبا) * يحتمل أن يكون هذا من كلام يوشع أي اتخذ الحوت سبيله في البحر عجبا للناس أو اتخذ موسى سبيل الحوت عجبا أي تعجب هو منه وإعراب عجبا مفعول ثان لاتخذ مثل سربا وقيل إن الكلام تم عند قوله في البحر ثم ابتدأ التعجب فقال عجبا وذلك بعيد * (قال ذلك ما كنا نبغ) * أي فقد الحوت هو ما كنا نطلب لأنه أمارة على وجدان الرجل * (فارتدا على آثارهما قصصا) * أي رجعا في طريقهما يقصان أثرهما الأول لئلا يخرجا عن الطريق * (فوجدا عبدا من عبادنا) * هو الخضر * (آتيناه رحمة) * يعني النبوة على قول من قال إن الخضر نبي وقيل إنه ليس بنبي ولكنه ولي وتظهر نبوته من هذه القصة أنه فعل أشياء لا يعملها إلا بوحي واختلف أيضا هل مات أو هو حي إلى الآن ويذكر كثيرا من الصلحاء أنهم يرونه ويكلمهم * (وعلمناه من لدنا علما) * في الحديث أن موسى وجد الخضر مسحى بثوبه فقال له السلام عليك فرفع رأسه وقال وأني بأرضك السلام قال له من أنت قال أنا موسى قال موسى بني إسرائيل قال نعم قال أولم يكن لك في بني إسرائيل ما يشغلك عن السفر إلى هنا قال بلى ولكني أحببت لقاءك وأن أتعلم منك قال إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت وأنت على علم من علم الله علمكه لا أعلمه أنا " قاله موسى هل أتبعك " الآية مخاطبة فيها ملاطفة وتواضع وكذلك ينبغي أن يكون الإنسان مع من يريد أن يتعلم منه * (رشدا) * قرىء بضم الراء وإسكان الشين وبفتحها والمعنى واحد وانتصب على أنه مفعول ثان بتعلمني أو حال من الضمير في أتبعك * (فانطلقا) * الضمير
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 » »»