التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٨٥
اتصل بعث أحدهم بتذكر مدة لبثهم فالجواب أنهم كانوا قالوا ربكم أعلم بما لبثتم ولا سبيل لكم إلى العلم بذلك فخذوا فيما هو أهم من هذا وأنفع لكم فابعثوا أحدكم * (إلى المدينة) * قيل إنها طرسوس * (أزكى طعاما) * قيل أكثر وقيل أحل وقيل إنه أراد شراء زبيب وقيل تمر * (وليتلطف) * في اختفائه وتحيله * (إن يظهروا عليكم يرجموكم) * أي إن يظفروا بكم يقتلوكم بالحجارة وقيل المعنى يرجموكم بالقول والأول أظهر * (وكذلك أعثرنا عليهم) * أي كما أنمناهم وبعثناهم أطلعنا الناس عليهم * (ليعلموا) * الضمير للقوم الذين أطلعهم الله على أصحاب الكهف أي أطلعناهم على حالهم من انتباههم من الرقدة الطويلة ليستدلوا بذلك على صحة البعث من القبور * (إذ يتنازعون بينهم أمرهم) * العامل في إذ أعثرنا أو مضمر تقديره اذكر والمتنازعون هم القوم الذين كانوا قد تنازعوا فيما يفعلون في أصحاب الكهف أو تنازعوا هل هم أموات أو أحياء وقيل تنازعوا هل تحشر الأجساد أو الأرواح بالأجساد فأراهم الله حال أصحاب الكهف ليعلموا أن الأجساد تحشر * (فقالوا ابنوا عليهم بنيانا) * أي على باب كهفهم إما ليطمس آثارهم أو ليحفظهم ويمنعهم ممن يريد أخذهم أو أخذ تربتهم تبركا وإما ليكون علما على كهفهم ليعرف به * (قال الذين غلبوا على أمرهم) * قيل يعني الولاة وقيل يعني المسلمين لأنهم كانوا أحق بهم من الكفار فبنوا على باب الكهف مسجدا لعبادة الله * (سيقولون) * الضمير لمن كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود أو غيرهم ممن تكلم في أصحاب الكهف * (رجما بالغيب) * أي ظنا وهو مستعار من الرجم بمعنى الرمي * (سبعة وثامنهم كلبهم) * قال قوم إن الواو واو الثمانية لدخولها هنا وفي قوله سبع ليال وثمانية أيام وفي قوله في أهل الجنة وفتحت أبوابها وفي قوله في براءة والناهون عن المنكر وقال البصريون لا تثبت واو الثمانية وإنما الواو هنا كقوله جاء زيد وفي يده سيف قال الزمخشري وفائدتها التوكيد والدلالة على أن الذين قالوا سبعة وثامنهم كلبهم صدقوا وأخبروا بحق بخلاف الذين قالوا ثلاثة ورابعهم كلبهم والذين قالوا خمسة وسادسهم كلبهم وقال ابن عطية دخلت الواو في آخر إخبار عن عددهم لتدل على أن هذا نهاية ما قيل ولو سقطت لصح الكلام وكذلك دخلت السين في قوله سيقولون الأول ولم تدخل في الثاني والثالث استغناء بدخولها في الأول * (ما يعلمهم إلا قليل) * أي لا يعلم عدتهم إلا قليل من الناس وهم من أهل الكتاب قال ابن عباس أنا من ذلك القليل وكانوا سبعة وثامنهم كلبهم لأنه قال في الثلاثة والخمسة رجما بالغيب ولم يقل ذلك في سبعة وثامنهم كلبهم * (فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا) * لا تمار من المراء وهو الجدال والمخالفة والاحتجاج والمعنى لا تمار أهل الكتاب في عدة أصحاب الكهف إلا مراء ظاهرا أي غير متعمق فيه من غير مبالغة ولا تعنيف في الرد عليهم * (ولا تستفت فيهم منهم أحدا) *
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»