التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٧٧
من مقاربة الركون ولو لم يثبته الله لكانت مقاربته للركون إليهم شيئا قليلا وأما منع التثبيت فلم يركن قليلا ولا كثيرا ولا قارب ذلك * (إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات) * أي ضعف عذابهما لو فعل ذلك * (وإن كادوا ليستفزونك من الأرض) * الضمير لقريش كانوا قد هموا أن يخرجوا النبي صلى الله عليه وسلم من مكة وذلك قبل الهجرة فالأرض هنا يراد بها مكة لأنها بلده " وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا " أي لو أخرجوك لم يلبثوا بعد خروجك بمكة إلا قليلا فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرا من مكة إلى المدينة لأجل إذاية قريش له ولأصحابه لم يبقوا بعد ذلك إلا قليلا وقتلوا يوم بدر * (سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا) * انتصب سنة على المصدر ومعناه العادة أي هذه عادة الله مع رسله * (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر) * هذه الآية إشارة إلى الصلوات المفروضة فدلوك الشمس زوالها والإشارة إلى الظهر والعصر وغسق الليل ظلمته وذلك إشارة إلى المغرب والعشاء وقرآن الفجر صلاة الصبح وانتصب قرآن الفجر بالعطف على موضع اللام في قوله لدلوك الشمس فإن اللام فيه ظرفية بمعنى علم وقيل هو عطف على الصلاة وقيل مفعول بفعل مضمر تقديره اقرأ قرآن الفجر وإنما عبر عن صلاة الصبح بقرآن الفجر لأن القرآن يقرأ فيها أكثر من غيرها لأنها تصلى بسورتين طويلتين * (إن قرآن الفجر كان مشهودا) * أي تشهده ملائكة الليل والنهار فيجتمعون فيه إذ تصعد ملائكة الليل وتنزل ملائكة النهار * (ومن الليل فتهجد به نافلة لك) * لما أمر بالفرائض أمر بعدها بالنوافل ومن للتبعيض والضمير في به للقرآن والتهجد السهر وهو ترك الهجود ومعنى الهجود النوم فالتفعل هنا للخروج عن الشيء كالتحرج والتأثم في الخروج عن الإثم والحرج * (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) * يعني الشفاعة يوم القيامة وانتصب مقاما على الظرف * (وقل رب أدخلني مدخل صدق) * الآية المدخل دخوله إلى المدينة والمخرج خروجه من مكة وقيل المدخل في القبر والمخرج إلى البعث واختار ابن عطية أن يكون على العموم في جميع الأمور * (سلطانا نصيرا) * قيل معناه حجة تنصرني بها وتظهر بها صدقي وقيل قوة ورياسة تنصرني بها على الأعداء وهذا أظهر * (وقل جاء الحق وزهق الباطل) * الحق الإيمان والباطل الكفر * (وننزل من القرآن ما هو شفاء) * من للتبعيض أو لبيان الجنس والمراد بالشفاء أنه يشفي القلوب من الريبة والجهل ويحتمل أن يريد نفعه من الأمراض بالرقيا به والتعويذ * (وإذا أنعمنا على الإنسان) * الآية المراد بالإنسان هنا الجنس لأن ذلك من سجية الإنسان وقيل
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»