التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٧٦
أي كفورا بالنعم والإنسان هنا جنس * (أفأمنتم) * الهمزة للتوبيخ والفاء للعطف أي أنجوتم من البحر فأمنتم الخسف في البر * (حاصبا) * يعني حجارة أو ريحا شديدة ترمى بالحصباء * (وكيلا) * أي قائما بأموركم وناصرا لكم * (قاصفا من الريح) * يعني الذي يقصف ما يلقى أي يكسره * (تبيعا) * أي مطالبا يطالبنا بما فعلنا بكم أي لا تجدون من ينصركم منا كقوله ولا يخاف عقباها * (وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) * يعني فضلهم على الجن وعلى سائر الحيوان ولم يفضلهم على الملائكة ولذلك قال على كثير وأنواع التفضيل كثيرة لا تحصى وقد ذكر المفسرون منها كون الإنسان يأكل بيده وكونه منتصب القامة وهذه أمثلة * (بإمامهم) * قيل يعني بينهم يقال يا أمة فلان وقيل يعني كتابهم الذي أنزل عليهم وقيل كتابهم الذي فيه أعمالهم * (ولا يظلمون فتيلا) * الفتيل هو الخيط الذي في شق نواة التمرة والمعنى أنهم لا يظلمون من أعمالهم قليلا ولا كثيرا فعبر بأقل الأشياء تنبيها على الأكثر * (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى) * الإشارة بهذه إلى الدنيا والعمى يراد به عمى القلب أي من كان في الدنيا أعمى عن الهدى والصواب فهو في يوم القيامة أعمى أي حيران يائس من الخير ويحتمل أن يريد بالعمى في الآخرة عمى البصر كقوله ونحشره يوم القيامة أعمى وإنما جعل الأعمى في الآخرة أضل سبيلا لأنه حينئذ لا ينفعه الاهتداء ويجوز في أعمى الثاني أن يكون صفة للأول وأن يكون من الأفعال التي للتفضيل وهذا أقوى لقوله وأضل سبيلا فعطف أضل الذي هو من أفعل من كذا على ما هو شبهه قال سيبويه لا يجوز أن يقال هو أعمى من كذا ولكن إنما يمتنع ذلك في عمى البصر لا في عمى القلب * (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) * الآية سببها أن قريشا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم اقبل بعض أمرنا ونقبل بعض أمرك وقيل إن ثقيفا طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤخرهم بعد إسلامهم سنة يعبدون فيها اللات والعزى والآية على هذا القول مدنية * (لتفتري علينا غيره) * الافتراء هنا يراد به المخالفة لما أوحي إليه من القرآن وغيره * (وإذا لاتخذوك خليلا) * أي لو فعلت ما أرادوا منك لاتخذوك خليلا * (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) * لولا تدل على امتناع شيء لوجود غيره فدلت هنا على امتناع مقاربة النبي صلى الله عليه وسلم الركون إليهم لأجل تثبيت الله له وعصمته وكدت تقتضي نفي الركون لأن معنى كاد فلان يفعل كذا أي أنه لم يفعله فانتفى الركون إليهم ومقاربته فليس في ذلك نقض من جانب النبي صلى الله عليه وسلم لأن التثبيت منعه
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»