التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٧٠
وإنما المراد بها أقل كلمة مكروهة تصدر من الإنسان فنهى الله تعالى أن يقال ذلك للوالدين فأولى وأحرى ألا يقال لهما ما فوق ذلك ويجوز في أف الكسر والفتح والضم وهي حركات بناء وأما تنوينها فهو للتنكير * (ولا تنهرهما) * من الانتهار وهو الإغلاظ في القول * (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) * استعارة في معنى التواضع لهما والرفق بهما فهو كقوله اخفض جناحك للمؤمنين وأضافه إلى الذل مبالغة في المعنى كأنه قال الجناح الذليل ومن في قوله من الرحمة للتعليل أي من أجل إفراط الرحمة لهما والشفقة عليهما * (للأوابين) * قيل معناه الصالحين وقيل المسبحين وهو مشتق من الأوبة بمعنى الرجوع فحقيقته الراجعين إلى الله * (وآت ذا القربى حقه) * خطاب لجميع الناس لصلة قرابتهم والإحسان إليهم وقيل هو خطاب خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم أن يؤتي قرابته حقهم من بيت المال والأول أرجح * (وإما تعرضن) * الآية معناه إن أعرضت عن ذوي القربى والمساكين وابن السبيل إذا لم تجد ما تعطيهم فقل لهم كلاما حسنا وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سأله أحد فلم يكن عنده ما يعطيه أعرض عنه حياء منه فأمر بحسن القول مع ذلك وهو أن يقول رزقكم الله وأعطاكم الله وشبه ذلك والميسور مشتق من اليسر * (ابتغاء رحمة من ربك ترجوها) * مفعول من أجله يحتمل أن يتعلق بقوله وإما تعرضن عنهم والمعنى على هذا أنه يعرض عنهم انتظارا لرزق يأتيه فيعطيه إياهم فالرحمة على هذا هو ما يرتجيه من الرزق أو يتعلق بقوله * (فقل لهم قولا ميسورا) * أي ابتغ رحمة ربك بقول ميسور والرحمة على هذا هي الأجر والثواب * (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك) * استعارة في معنى غاية البخل كأن البخيل حبست يده عن الإعطاء وشدت إلى عنقه * (ولا تبسطها كل البسط) * استعارة في معنى غاية الجود فنهى الله عن الطرفين وأمر بالتوسط بينهما كقوله * (إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا) * * (ملوما) * أي يلومك صديقك عن كثرة عطائك وإضرارك بنفسك أو يلومك من يستحق العطاء لأنك لم تترك ما تعطيه أو يلومك سائر الناس على التبذير في العطاء * (محسورا) * أي منقطعا بك لا شيء عندك وهو من قولهم حسر السفر البعير إذا أتعبه حتى لم تبق له قوة * (إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) * أي يوسع على من يشاء ويضيق على من يشاء فلا تهتم بما تراه من ذلك فإن الله أعلم بمصالح عباده * (ولا تقتلوا أولادكم) * ذكر في الأنعام * (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) * الحق الموجب لقتل النفس هو ما ورد في الحديث من
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»