وإعلاما باختصاصه وقربه والكتاب القرآن * (ولم يجعل له عوجا) * العوج بكسر العين في المعاني التي لا تحسن وبالفتح في الأشخاص كالعصا ونحوها ومعناه عدم الاستقامة وقيل فيه هنا معناه لا تناقض فيه ولا خلل وقيل لم يجعله مخلوقا واللفظ أعم من ذلك * (قيما) * أي مستقيما وقيل قيما على الخلق بأمر الله تعالى وقيل قيما على سائر الكتب بتصديقها وانتصابه على الحال من الكتاب والعامل فيه أنزل ومنع الزمخشري ذلك للفصل بين الحال وذي الحال واختار أن العامل فيه فعل مضمر تقديره جعله قيما * (لينذر بأسا شديدا) * متعلق بأنزل أو بقيما والفاعل به ضمير الكتاب أو النبي صلى الله عليه وسلم والبأس العذاب وحذف المفعول الثاني وهو الناس كما حذف المفعول الآخر من قوله وينذر الذين لدلالة المعنى على المحذوف * (من لدنه) * أي من عنده والضمير عائد على الله تعالى * (أجرا حسنا) * يعني الجنة * (ماكثين فيه) * أي دائمين وانتصابه على الحال من الضمير في لهم * (وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا) * هم النصارى لقولهم في عيسى واليهود لقولهم في عزير وبعض العرب لقولهم في الملائكة * (وما لهم به من علم) * الضمير عائد على قولهم أو على الولد * (كبرت كلمة) * انتصب على التمييز على الحال ويعني بالكلمة قولهم اتخذ الله ولدا وعلى هذا يعود الضمير في كبرت * (فلعلك باخع نفسك) * أي قاتلها بالحزن والأسف والمعنى تسلية النبي صلى الله عليه وسلم عن عدم إيمانهم * (على آثارهم) * استعارة فصيحة كأنهم من فرط إدبارهم قد بعدوا فهو يتبع آثارهم تأسفا عليهم وانتصب أسفا على أنه مفعول من أجله والعامل فيه باخع نفسك * (إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها) * يعني ما يصلح للتزين كالملابس والمطاعم والأشجار والأنهار وغير ذلك * (لنبلوهم أيهم أحسن عملا) * أي لنختبرهم أيهم أزهد في زينة الدنيا * (وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا) * المعنى إخبار بفناء الدنيا وزينتها والصعيد هو التراب والجرز الأرض التي لا نبات فيها أي سيفنى ما على الأرض من الزينة وتبقى كالأرض التي لا نبات فيها بعد أن كانت خضراء بهجة * (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا) * أم هنا استفهام والمعنى أحسبت أنهم عجب بل سائر آياتنا أعظم منها وأعجب والكهف الغار الواسع والرقيم اسم كلبهم وقيل هو لوح رقمت فيه أسماؤهم على باب الكهف وقيل كتاب فيه شرعهم ودينهم وقيل هو القرية التي كانت بإزاء الكهف وقيل الجبل الذي فيه الكهف وقال ابن عباس لا أدري ما الرقيم * (إذ أوى الفتية إلى الكهف) * نذكر من قصتهم على وجه الاختصار ما لا غنى عنه إذ قد أكثر الناس فيها مع قلة الصحة في كثير مما نقلوا وذلك أنهم كانوا قوما مؤمنين وكان ملك بلادهم كافر يقتل كل مؤمن ففروا بدينهم ودخلوا الكهف ليعبدوا الله فيه ويستخفوا من الملك وقومه فأمر الملك بأتباعهم فانتهى المتبعون لهم إلى الغار فوجدوهم وعرفوا الملك بذلك فوقف
(١٨٢)