من دون الله * (فأووا إلى الكهف) * هذا الفعل هو العامل في إذ اعتزلتموهم والمعنى أن بعضهم قال لبعض إذا فارقنا الكفار فلنجعل الكهف لنا مأوى ونتكل على الله فهو يرحمنا ويرفق بنا * (مرفقا) * بفتح الميم وكسرها ما يرتفق به وينتفع * (وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال) * قيل هنا كلام محذوف تقديره فأوى القوم إلى الكهف ومكثوا فيه وضرب الله على آذانهم ومعنى تزاور تميل وتزوغ ومعنى تقرضهم تقطعهم أي تبعد عنهم وهو بمعنى القطع وذات اليمين والشمال أي جهته ومعنى الآية أن الشمس لا تصيبهم عند طلوعها ولا عند غروبها لئلا يحترقوا بحرها فقيل إن ذلك كرامة لهم وخرق عادة وقيل كان باب الكهف شماليا يستقبل بنات نعش فلذلك لا تصيبهم الشمس والأول أظهر لقوله * (ذلك من آيات الله) * * (وهم في فجوة منه) * أي في موضع واسع وذلك مفتح لإصابة الشمس ومع ذلك حجبها الله عنهم * (ذلك من آيات الله) * الإشارة إلى حجب الشمس عنهم إن كان خرق عادة وإن كان لكون بابهم إلى الشمال فالإشارة إلى امرهم بجملته * (وتحسبهم أيقاظا وهم رقود) * أيقاظا جمع يقظ وهو المنتبه كانت أعينهم مفتوحة وهم نائمون فيحسبهم من يراهم أيقاظا وفي قوله أيقاظا ورقود مطابقة وهي من أدوات البيان * (ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال) * أي نقلبهم من جانب إلى جانب ولولا ذلك لأكلتهم الأرض وكان هذا التقليب من فعل الله وملائكته وهم لا ينتبهون من نومهم وروى أنهم كانوا يقلبون مرتين في السنة وقيل من سبع سنين إلى مثلها * (وكلبهم باسط ذراعيه) * قيل إنه كان كلبا لأحدهم يصيد به وقيل كان كلبا لراع فمروا عليه فصحبهم وتبعه كلبه وأعمل اسم الفاعل وهو بمعنى المضي لأنه حكاية حال * (بالوصيد) * أي بباب الكهف وقيل عتبته وقيل البناء * (ولملئت منهم رعبا) * ذلك لما ألبسهم الله من الهيبة وقيل لطول أظفارهم وشعورهم وعظم أجرامهم وقيل لوحشة مكانهم وعن معاوية أنه غزا الروم فمر بالكهف فأراد الدخول إليه فقال له ابن عباس لا تستطيع ذلك قد قال الله لمن هو خير منك * (لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا) * فبعث ناسا إليهم فلما دخلوا الكهف بعث الله ريحا فأحرقتهم * (وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم) * أي كما أنمناهم كذلك بعثناهم ليسأل بعضهم بعضا واللام في ليتساءلوا لام الصيرورة * (قالوا ربكم أعلم بما لبثتم) * هذا قول من استشعر منهم أن مدة لبثهم طويلة فأنكر على من قال يوما أو بعض يوم ولكنه لم يعلم مقدارها فأسند علمها إلى الله * (فابعثوا أحدكم بورقكم) * الورق الفضة وكانت دراهم تزودوها حين خروجهم إلى الكهف ويستدل بذلك على أن التزود للمسافر أفضل من تركه ويستدل ببعث أحدهم على جواز الوكالة فإن قيل كيف
(١٨٤)