عليه في جنده وأمر بالدخول إليهم فهاب الرجال ذلك وقالوا له دعهم يموتوا جوعا وعطشا وكان الله قد ألقى عليهم قبل ذلك نوما ثقيلا فبقوا على ذلك مدة طويلة ثم أيقظهم الله وظنوا أنهم لبثوا يوما أو بعض يوم فبعثوا أحدهم يشتري لهم طعاما بدراهم كانت لهم فعجب لها البائع وقال هذه الدراهم من عهد فلان الملك في قديم الزمان من أين جاءتك وشاع الكلام بذلك في الناس وقال الرجل إنما خرجت أنا وأصحابي بالأمس فأوينا إلى الكهف فقال هؤلاء الفتية الذين ذهبوا في الزمان القديم فمشوا إليهم فوجدوهم موتى وأما موضع كهفهم فقيل إنه بمقربة من فلسطين وقال قوم إنه الكهف الذي بالأندلس بمقربة من لوشة من جهة غرناطة وفيه موتى ومعهم كلب وقد ذكر ابن عطية ذلك وقال إنه دخل عليهم ورآهم وعليهم مسجد وقريب منهم بناء يقال له الرقيم قد بقي بعض جدرانه وروى أن الملك الذي كانوا في زمانه اسمه دقيوس وفي تلك الجهة آثار مدينة يقال لها مدينة دقيوس والله أعلم ومما يبعد ذلك ما روى أن معاوية مر عليهم وأراد الدخول إليهم ولم يدخل معاوية الأندلس قط وأيضا فإن الموتى التي في غار لوشة يراهم الناس ولم يدرك أحد منهم الرعب الذي ذكر الله في أصحاب الكهف " فضربنا علىءاذانهم في الكهف " عبارة عن إلقاء النوم عليهم وقال الزمخشري المعنى ضربنا على آذانهم حجابا ثم حذف هذا المفعول * (سنين عددا) * أي كثيرة * (ثم بعثناهم) * أي أيقظناهم من نومهم * (لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا) * أي لنعلم علما يظهر في الوجود لأن الله قد كان علم ذلك والمراد بالحزبين الذين اختلفوا في مدة لبثهم فالحزب الواحد أصحاب الكهف والحزب الآخر القوم الذين بعث الله أصحاب الكهف في مدتهم وقيل إن الحزبين معا أصحاب الكهف إذ كان بعضهم قد قال لبثنا يوما أو بعض يوم وقال بعضهم ربكم أعلم بما لبثتم وأحصى فعل ماض وأمدا مفعول به وقيل أحصى اسم للتفضيل وأمدا تمييز وهذا ضعيف لأن أفعل من التي للتفضيل لا يكون من فعل رباعي إلا في الشاذ * (وربطنا على قلوبهم) * أي قوينا عزمهم وألهمناهم الصبر * (إذ قاموا) * يحتمل أن يريد قيامهم من النوم أو قيامهم بين يدي الملك الكافر لما آمنوا ولم يبالوا به * (لقد قلنا إذا شططا) * أي لو دعونا من دونه إلها لقلنا قولا شططا والشطط الجور والتعدي * (لولا يأتون عليهم بسلطان بين) * تحضيض بمعنى التعجيز أنهم لا يأتون بحجة بينة على عبادة غير الله * (وإذ اعتزلتموهم) * خطاب من بعضهم لبعض حين عزموا على الفرار بدينهم * (وما يعبدون) * عطف على المفعول في اعتزلتموهم أي تركتموهم وتركتم ما يعبدون * (إلا الله) * أي ما يعبدون من دون الله وإلا هنا بمعنى غير وهذا استثناء متصل إن كان قومهم يعبدون الله ويعبدون معه غيره ومنقطع إن كانوا لا يعبدون الله وفي مصحف ابن مسعود وما يعبدون
(١٨٣)