تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٤ - الصفحة ٢٠٣
* (إنما المؤمنون) * أي الكاملون في الإيمان * (الذين آمنوا بالله ورسوله) * من صميم قلوبهم * (وإذا كانوا معه على أمر جامع) * كالجمعة والأعياد والحروب والمشاورة في الأمور ووصف الأمر بالجمع للمبالغة وقرئ (أمر جميع) * (لم يذهبوا حتى يستأذنوه) * يستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأذن لهم واعتباره في كمال الإيمان لأنه كالمصداق لصحته والمميز للمخلص فيه عن المنافق فإنه ديدنه التسلل والفرار ولتعظم الجرم في الذهاب عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير إذنه ولذلك أعاده مؤكدا على أسلوب أبلغ فقال * (إن الذين يستأذنونك أولئك) * * (الذين يؤمنون بالله ورسوله) * فإنه يفيد أن المستأذن مؤمن لا محالة وأن الذهاب بغير إذن ليس كذلك * (فإذا استأذنوك لبعض شأنهم) * ما يعرض لهم من المهام وفيه أيضا مبالغة وتضييق الأمر * (فأذن لمن شئت منهم) * تفويض للأمر إلى رأي الرسول صلى الله عليه وسلم واستدل به على أن بعض الأحكام مفوضة إلى رأيه ومن منع ذلك قيد المشيئة بأن تكون تابعة لعلمه بصدقه فكأن المعنى فائذن لمن علمت أن له عذرا * (واستغفر لهم الله) * بعد الإذن فإن الاستئذان ولو لعذر قصور لأنه تقديم لأمر الدنيا على أمر الدين * (إن الله غفور) * لفرطات العباد * (رحيم) * بالتيسير عليهم * (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) * لا تقيسوا دعاءه إياكم على دعاء بعضكم بعضا في جواز الإعراض والمساهلة في الإجابة والرجوع بغير إذن فإن المبادرة إلى إجابته عليه الصلاة والسلام واجبة والمراجعة بغير إذنه محرمة وقيل لا تجعلوا نداءه وتسميته كنداء بعضكم بعضا باسمه ورفع الصوت به والنداء من وراء الحجرات ولكن بلقبه المظم مثل يا نبي الله ويا رسول الله مع التوقير والتواضع وخفض الصوت أو لا تجعلوا دعاءه عليكم كدعاء بعضكم على بعض فلا تبالوا بسخطه فإن دعاءه موجب أو لا تجعلوا دعائه ربه كدعاء صغيركم كبيركم يجيبه مرة ويرده أخرى فإن دعاءه مستجاب * (قد يعلم الله الذين يتسللون منكم) * ينسلون قليلا قليلا من الجماعة ونظير تسلل تدرج وتدخل * (لواذا) * ملاوذة بأن يستتر بعضكم ببعض حتى يخرج أو يلوذ بمن يؤذن له
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»