بالخفض. وقال غيره: الزاهق هنا: بمعنى الذاهب كأنه قال: ولا ضعاف مخهن، ثم رد الزاهق على الضعاف. ورجل ممسود: أي مجدول الخلق. وجارية حسنة المسد والعصب والجدل والارم (1)، وهي ممسودة ومعصوبة ومجدولة ومأرومة. والمساد، على فعال: لغة في المساب (2)، وهي نحى السمن، وسقاء العسل. قال جميعه الجوهري. وقد أعترض فقيل: إن كان ذلك حبلها الذي تحتطب به، فكيف يبقى في النار؟ وأجيب عنه بأن الله عز وجل قادر على تجديده كلما احترق. والحكم ببقاء أبي لهب وامرأته في النار مشروط ببقائهما على الكفر إلى الموافاة (3)، فلما ماتا على الكفر صدق الاخبار عنهما. ففيه معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم. فامرأته خنقها الله بحبلها، وأبو لهب رماه الله بالعدسة (4) بعد وقعة بدر بسبع ليال، بعد أن شجته أم الفضل (5) وذلك أنه لما قدم الحيسمان مكة يخبر خبر بدر، قال له أبو لهب: أخبرني خبر الناس. قال: نعم، والله ما هو إلا أن لقينا القوم، فمنحناهم أكتافنا، يضعون السلاح منا حيث شاءوا، ومع ذلك ما لمست الناس. لقينا رجالا بيضا على خيل بلق، لا والله ما تبقى منا، يقول: ما تبقي شيئا. قال أبو رافع: وكنت غلاما للعباس أنحت الاقداح في صفة زمزم، وعندي أم الفضل جالسة، وقد سرنا ما جاءنا من الخبر، فرفعت طنب الحجرة، فقلت:
تلك والله الملائكة. قال: فرفع أبو لهب يده، فضرب وجهي ضربة منكرة، وثاورته (6)، وكنت رجلا ضعيفا، فاحتملني، فضرب بي الأرض، وبرك على صدري يضربني. وتقدمت أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة، فتأخذه وتقول: استضعفته أن غاب عنه سيده! وتضربه بالعمود على رأسه فتفلقه شجة منكرة. فقام يجر رجليه ذليلا، ورماه الله بالعدسة، فمات، وأقام ثلاثة أيام لم يدفن حتى أنتن، ثم إن ولده غسلوه بالماء، قذفا من بعيد، مخافة عدوى العدسة. وكانت قريش تتقيها كما يتقي الطاعون. ثم احتلموه إلى أعلى مكة، فأسندوه إلى جدار، ثم رضموا (7) عليه الحجارة.