محاجن (1) لهم في مراقه، فبزغوه (2) بها ليقوم، فأبى، فوجهوه راجعا إلى اليمن، فقام يهرول ووجهوه إلى الشام، ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق، ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى مكة فبرك.
وأرسل الله عليهم طيرا من البحر، أمثال الخطاطيف والبلسان (3)، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار:
حجر في منقاره، وحجران في رجليه، أمثال الحمص والعدس، لا تصيب منهم أحدا إلا هلك، وليس كلهم أصابت. وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق التي جاءوا منها، ويسألون عن نفيل ابن حبيب، ليدلهم على الطريق إلى اليمن. فقال نفيل بن حبيب حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته:
أين المفر والاله الطالب * والأشرم (4) المغلوب ليس الغالب وقال أيضا:
حمدت الله إذ أبصرت طيرا * وخفت حجارة تلقى علينا فكل القوم يسأل عن نفيل * كأن علي للحبشان دينا فخرجوا يتساقطون بكل طريق، ويهلكون [بكل مهلك] (5) على كل سهل (6)، وأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم يسقط أنملة أنملة (7)، كلما سقطت منه أنملة أتبعتها منه مدة تمث (8) قيحا ودما، حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه، فيما يزعمون.
وقال الكلبي ومقاتل بن سليمان - يزيد أحدهما وينقص -: سبب الفيل ما روي أن فتية من قريش خرجوا تجارا إلى أرض النجاشي، فنزلوا على ساحل البحر إلى بيعة للنصارى، تسميها النصارى الهيكل، فأوقدوا نارا لطعامهم وتركوها وارتحلوا، فهبت ريح عاصف على النار فأضرمت البيعة نارا، فاحترقت، فأتى الصريخ إلى النجاشي فأخبره،