وقيل: نزه ربك عن السوء، وعما يقول فيه الملحدون. وذكر الطبري أن المعنى نزه اسم ربك عن أن تسمى به أحدا سواه. وقيل: نزه تسمية ربك وذكرك إياه، أن تذكره إلا وأنت خاشع معظم، ولذكره محترم. وجعلوا الاسم بمعنى التسمية، والأولى أن يكون الاسم هو المسمى. روى نافع عن ابن عمر قال: لا تقل على اسم الله، فإن اسم الله هو الاعلى.
وروى أبو صالح عن ابن عباس: صل بأمر ربك الاعلى. قال: وهو أن تقول سبحان ربك الاعلى. وروي عن علي رضي الله عنه، وابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأبي موسى وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم: أنهم كانوا إذا افتتحوا قراءة هذه السورة قالوا:
سبحان ربي الاعلى، امتثالا لامره في ابتدائها. فيختار الاقتداء بهم في قراءتهم، لا أن سبحان ربي الاعلى من القرآن، كما قاله بعض أهل الزيغ. وقيل: إنها في قراءة أبي:
" سبحان ربي الاعلى ". وكان ابن عمر يقرؤها كذلك. وفي الحديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأها قال: [سبحان ربي الاعلى]. قال أبو بكر الأنباري: حدثني محمد بن شهريار، قال: حدثنا حسين بن الأسود، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد قال: حدثنا عيسى ابن عمر، عن أبيه، قال: قرأ علي بن أبي طالب عليه السلام في الصلاة " سبح اسم ربك الاعلى "، ثم قال: سبحان ربي الاعلى، فلما انقضت الصلاة قيل له: يا أمير المؤمنين، أتزيد هذا في القرآن؟ قال: ما هو؟ قالوا: سبحان ربي الاعلى. قال: لا، إنما أمرنا بشئ فقلته، وعن عقبة بن عامر الجهني قال: لما نزلت " سبح اسم ربك الاعلى " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجعلوها في سجودكم). وهذا كله يدل على أن الاسم هو المسمى، لأنهم لم يقولوا:
سبحان اسم ربك الاعلى. وقيل: إن أول من قال [سبحان ربي الاعلى] ميكائيل عليه السلام.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل: (يا جبريل أخبرني بثواب من قال: سبحان ربي الاعلى في صلاته أو في غير صلاته). فقال: (يا محمد، ما من مؤمن ولا مؤمنة يقولها في سجوده أو في غير سجوده، إلا كانت له في ميزانه أثقل من العرش والكرسي وجبال الدنيا، ويقول الله تعالى:
صدق عبدي، أنا فوق كل شئ، وليس فوقي شئ، اشهدوا يا ملائكتي أني قد غفرت له،