منهم مجيبا، وكانوا يضربونه حتى يغشى عليه فيقول (رب أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون).
وقد مضى هذا مستوفى في سورة " العنكبوت " (1) والحمد لله.
قوله تعالى: قال يقوم إني لكم نذير مبين 2 أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون 3 يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون 4 قوله تعالى: (قال يا قوم إني لكم نذير) أي مخوف. (مبين) أي مظهر لكم بلسانكم الذي تعرفونه. (أن اعبدوا الله واتقوه) و " أن " المفسرة على ما تقدم في " أن أنذر ".
" اعبدوا " أي وحدوا. واتقوا: خافوا. (وأطيعون) أي فيما آمركم به، فإني رسول الله إليكم. (يغفر لكم من ذنوبكم) جزم " يغفر " بجواب الامر. و " من " صلة زائدة.
ومعنى الكلام يغفر لكم ذنوبكم، قاله السدي. وقيل: لا يصح كونها زائدة، لان " من " لا تزاد في الواجب، وإنما هي هنا للتبعيض، وهو بعض الذنوب، وهو ما لا يتعلق بحقوق المخلوقين. وقيل: هي لبيان الجنس. وفيه بعد، إذ لم يتقدم جنس يليق به. وقال زيد ابن أسلم: المعنى يخرجكم من ذنوبكم. ابن شجرة: المعنى يغفر لكم من ذنوبكم ما استغفرتموه منها (ويؤخركم إلى أجل مسمى) قال ابن عباس: أي ينسئ في أعماركم. ومعناه أن الله تعالى كان قضى قبل خلقهم أنهم إن آمنوا بارك في أعمارهم، وإن لم يؤمنوا عوجلوا بالعذاب.
وقال مقاتل: يؤخركم إلى منتهى آجالكم في عافية، فلا يعاقبكم بالقحط وغيره. فالمعنى على هذا يؤخركم من العقوبات والشدائد إلى آجالكم. وقال: الزجاج أي يؤخركم عن العذاب فتموتوا غير موتة المستأصلين بالعذاب. وعلى هذا قيل: " أجل مسمى " عندكم تعرفونه، لا يميتكم غرقا ولا حرقا ولا قتلا، ذكره الفراء. وعلى القول الأول " أجل مسمى " عند الله. (إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر) أي إذا جاء الموت لا يؤخر بعذاب كان أو بغير عذاب. وأضاف الاجل