الكفار هنا الكافرون بالله عز وجل، لأنهم أشد إعجابا بزينة الدنيا من المؤمنين. وهذا قول حسن، فإن أصل الاعجاب لهم وفيهم، ومنهم يظهر ذلك، وهو التعظيم للدنيا وما فيها.
وفي الموحدين من ذلك فروع تحدث من شهواتهم، وتتقلل عندهم وتدق إذا ذكروا الآخرة.
وموضع الكاف رفع على الصفة. (ثم يهيج) أي يجف بعد خضرته (فتراه مصفرا) أي متغيرا عما كان عليه من النضرة. (ثم يكون حطاما) أي فتاتا وتبنا فيذهب بعد حسنه، كذلك دنيا الكافر. (وفى الآخرة عذاب شديد) أي للكافرين. والوقف عليه حسن، ويبتدئ (ومغفرة من الله ورضوان) أي للمؤمنين. وقال الفراء: (وفى الآخرة عذاب شديد ومغفرة) تقديره إما عذاب شديد وإما مغفرة، فلا يوقف على (شديد).
(وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور) هذا تأكيد ما سبق، أي تغر الكفار، فأما المؤمن فالدنيا له متاع بلاغ إلى الجنة. وقيل: العمل للحياة الدنيا متاع الغرور تزهيدا في العمل للدنيا، وترغيبا في العمل للآخرة.
قوله تعالى: (سابقوا إلى مغفرة من ربكم) أي سارعوا بالاعمال الصالحة التي توجب المغفرة لكم من ربكم. وقيل: سارعوا بالتوبة، لأنها تؤدي إلى المغفرة، قاله الكلبي. وقيل التكبيرة الأولى مع الامام، قال مكحول. وقيل: الصف الأول. (وجنة عرضها كعرض السماء والأرض) لو وصل بعضها ببعض. قال الحسن: يعني جميع السماوات والأرضين مبسوطتان كل واحدة إلى صاحبتها. وقيل: يريد لرجل واحد أي لكل واحد جنة بهذه السعة. وقال ابن كيسان: عني به جنة واحدة من الجنات. والعرض أقل من الطول، ومن عادة العرب أنها تعبر عن سعة الشئ بعرضه دون طوله. قال:
كأن بلاد الله وهي عريضة * على الخائف المطلوب كفة حابل وقد مضى هذا كله في (آل عمران (1)). وقال طارق بن شهاب: قال قوم من أهل الحيرة لعمر رضي الله عنه: أرأيت قول الله عز وجل: (وجنة عرضها كعرض السماء والأرض)