إليه. قال: فلا تبك فإنه كان في علم الله أن يكون، ألم تسمع قوله تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم) الآية. وقال ابن عباس: لما خلق الله القلم قال له اكتب، فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة. ولقد ترك لهذه الآية جماعة من الفضلاء الدواء في أمراضهم فلم يستعملوه ثقة بربهم وتوكلا عليه، وقالوا قد علم الله أيام المرض وأيام الصحة، فلو حرص الخلق على تقليل ذلك أو زيادته ما قدروا، قال الله تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها). وقد قيل: إن هذه الآية تتصل بما قبل، وهو أن الله سبحانه هون عليهم ما يصيبهم في الجهاد من قتل وجرح، وبين أن ما يخلفهم عن الجهاد من المحافظة على الأموال وما يقع فيها من خسران، فالكل مكتوب مقدر لا مدفع له، وإنما على المرء امتثال الامر، ثم أدبهم فقال هذا: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم) أي حتى لا تحزنوا على ما فاتكم من الرزق، وذلك أنهم إذا علموا أن الرزق قد فرغ منه لم يأسوا على ما فاتهم منه. وعن ابن مسعود أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يجد أحدكم طعم الايمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه) ثم قرأ (لكيلا تأسوا على ما فاتكم) إي كي لا تحزنوا على ما فاتكم من الدنيا فإنه لم يقدر لكم ولو قدر لكم لم يفتكم (ولا تفرحوا بما آتاكم) أي من الدنيا، قاله ابن عباس. وقال سعيد بن جبير:
من العافية والخصب. وروى عكرمة عن ابن عباس: ليس من أحد إلا وهو يحزن ويفرح، ولكن المؤمن يجعل مصيبته صبرا، وغنيمته شكرا. والحزن والفرح المنهي عنهما هما اللذان يتعدى فيهما إلى مالا يجوز، قال الله تعالى: (والله لا يحب كل مختال (1) فخور) أي متكبر بما أوتى من الدنيا، فخور به على الناس. وقراءة العامة (آتاكم) بمد الألف أي أعطاكم من الدنيا. وأختاره أبو حاتم. وقرأ أبو العالية ونصر بن عاصم وأبو عمرو (أتاكم) بقصر الألف واختاره أبو عبيد. أي جاءكم، وهو معادل ل (فاتكم) ولهذا لم يقل أفاتكم. قال جعفر بن محمد الصادق: يا بن آدم مالك تأسى على مفقود لا يرده عليك الفوت، أو تفرح بموجود لا يتركه في يديك الموت. وقيل لبرز جمهر: أيها الحكيم! مالك لا تحزن على ما فات،