قوله تعالى: (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله) أي المحتاجون إليه في بقائكم وكل أحوالكم. الزمخشري: " فإن قلت لم عرف الفقراء؟ قلت: قصد بذلك أن يريهم أنهم لشدة افتقارهم إليه هم جنس الفقراء، وإن كانت الخلائق كلهم مفتقرين إليه من الناس وغيرهم لان الفقر مما يتبع الضعف، وكلما كان الفقير أضعف كان أفقر، وقد شهد الله سبحانه على الانسان بالضعف في قوله: " وخلق الانسان ضعيفا " (1) [النساء: 28]، وقال: " الله الذي خلقكم من ضعف " (2) [الروم: 54] ولو نكر لكان المعنى: أنتم بعض الفقراء. فإن قلت: قد قوبل " الفقراء " ب " - الغنى " فما فائدة " الحميد "؟ قلت: لما أثبت فقرهم إليه وغناه عنهم، وليس كل غنى نافعا بغناه إلا إذا كان الغني جوادا منعما، وإذا جاد وأنعم حمده المنعم عليهم واستحق عليهم الحمد - ذكر " الحميد " ليدل به على أنه الغني النافع بغناه خلقه، الجواد المنعم عليهم، المستحق بإنعامه عليهم أن يحمدوه ". وتخفيف الهمزة الثانية أجود الوجوه عند الخليل، ويجوز تخفيف الأولى وحدها وتخفيفهما وتحقيقهما جميعا. " والله هو الغني الحميد " تكون " هو " زائدة، فلا يكون لها موضع من الاعراب، وتكون مبتدأة فيكون موضعها رفعا.
قوله تعالى: إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد (16) وما ذلك على الله بعزيز (17) قوله تعالى: (إن يشأ يذهبكم) فيه حذف، المعنى إن يشأ [أن] (3) يذهبكم يذهبكم، أي يفنيكم. (ويأت بخلق جديد) أي أطوع منكم وأزكى. (وما ذلك على الله بعزيز) أي ممتنع عسير متعذر. وقد مضى هذا في (إبراهيم) (4).
قوله تعالى: ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شئ ولو كان ذا قربى إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير (18)