قوله تعالى: (فلما قضينا عليه الموت) أي فلما حكمنا على سليمان بالموت حتى صار كالأمر المفروغ منه ووقع به الموت (ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته) وذلك أنه كان متكئا على المنسأة (وهي العصا بلسان الحبشة، في قول السدي. وقيل:
هي بلغة اليمن، ذكره القشيري) فمات كذلك وبقي خافي الحال إلى أن سقط ميتا لانكسار العصا لاكل الأرض إياها، فعلم موته بذلك، فكانت الأرضة دالة على موته، أي سببا لظهور موته، وكان سأل الله تعالى ألا يعلموا بموته حتى تمضي عليه سنة. واختلفوا في سبب سؤاله لذلك على قولين: أحدهما ما قاله قتادة وغيره، قال: كانت الجن تدعي علم الغيب، فلما مات سليمان عليه السلام وخفي موته عليهم " تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين " ابن مسعود: أقام حولا والجن تعمل بين يديه حتى أكلت الأرضة منسأته فسقط. ويروى أنه لما سقط لم يعلم منذ مات، فوضعت الأرضة على العصا فأكلت منها يوما وليلة ثم حسبوا على ذلك فوجدوه قد مات منذ سنة. وقيل:
كان رؤساء الجن سبعة، وكانوا منقادين لسليمان عليه السلام، وكان داود عليه السلام أسس بيت المقدس فلما مات أوصى إلى سليمان في إتمام مسجد بيت المقدس، فأمر سليمان الجن به، فلما دنا وفاته قال لأهله: لا تخبروهم بموتى حتى يتموا بناء المسجد، وكان بقي لاتمامه سنة. وفي الخبر أن ملك الموت كان صديقه فسأل عن آية موته فقال: أن تخرج من موضع سجودك شجرة يقال لها الخرنوبة، فلم يكن يوم يصبح فيه إلا تنبت في بيت المقدس شجرة فيسألها: ما اسمك؟ فتقول الشجرة: اسمي كذا وكذا، فيقول: ولأي شئ أنت؟ فتقول:
لكذا ولكذا، فيأمر بها فتقطع، ويغرسها في بستان له، ويأمر بكتب منافعها ومضارها واسمها وما تصلح له في الطب، فبينما هو يصلي ذات يوم إذا رأى شجرة نبتت بين يديه فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخرنوبة، قال: ولأي شئ أنت؟ قال: لخراب هذا المسجد، فقال سليمان: ما كان الله ليخربه وأنا حي، أنت التي على وجهك هلاكي وهلاك بيت المقدس! فنزعها وغرسها في حائطه ثم قال. اللهم عم عن الجن موتي حتى تعلم الانس أن