الثالثة: في هذا الحديث أوضح دليل على جواز إمامة المولى والمفضول على غيرهما ما عدا الإمامة الكبرى. وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم سالما مولى أبي حذيفة على الصلاة بقباء، فكان يؤمهم وفيهم أبو بكر وعمر وغيرهم من كبراء قريش. وروى الصحيح عن عامر بن واثلة أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعسفان، وكان عمر يستعمله على مكة فقال: من استعملت على هذا الوادي؟ قال: أبن أبزى. قال: ومن أبن أبزى؟ قال:
مولى من موالينا. قال: فاستخلفت عليهم مولى! قال: إنه لقارئ لكتاب الله لأنه لعالم بالفرائض - قال - أما إن نبيكم قد قال: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين).
الرابعة - كان أسامة رضي الله عنه الحب أبن الحب وبذلك كان يدعي، وكان أسود شديد السواد، وكان زيد أبوه أبيض من القطن. هكذا ذكره أبو داود عن أحمد بن صالح. وقال غير أحمد: كان زيد أزهر اللون وكان أسامة شديد الأدمة. ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحسن أسامة وهو صغير ويمسح مخاطه، وينقي أنفه ويقول: (لو كان أسامة جارية لزيناه وجهزناه وحببناه إلى الأزواج). وقد ذكر أن سبب ارتداد العرب بعد النبي صلى الله عليه وسلم، أنه لما كان عليه السلام في حجة الوداع بجبل عرفة عشية عرفة عند النفر، أحتبس النبي صلى الله عليه وسلم قليلا بسبب أسامة إلى أن أتاه، فقالوا:
ما أحتبس إلا لأجل هذا! تحقيرا له. فكان قولهم هذا سبب ارتدادهم. ذكره البخاري في التاريخ بمعناه. والله أعلم.
الخامسة - كان عمر رضي الله عنه يفرض لأسامة في العطاء خمسة آلاف، ولابنه عبد الله ألفين، فقال له عبد الله: فضلت علي أسامة وقد شهدت ما لم يشهد! فقال: إن أسامة كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، وأباه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك، ففضل رضي الله عنه محبوب رسول الله صلى الله عليه وسلم على محبوبه.
وهكذا يجب أن يحب ما أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبغض من أبغض. وقد قابل مروان هذا الحب بنقيضه، وذلك أنه مر بأسامة بن زيد وهو يصلي عند باب بيت