في " البقرة " (1) وكانوا يعترفون بأن الله هو الخالق. (واختلاف ألسنتكم وألوانكم) اللسان في الفم، وفيه اختلاف اللغات: من العربية والعجمية والتركية والرومية. واختلاف الألوان في الصور: من البياض والسواد والحمرة، فلا تكاد ترى أحدا إلا وأنت تفرق بينه وبين الآخر. وليس هذه الأشياء من فعل النطفة ولا من فعل الأبوين، فلا بد من فاعل، فعلم أن الفاعل هو الله تعالى، فهذا من أدل دليل على المدبر البارئ. (إن في ذلك لآيات للعالمين) (2) أي للبر والفاجر. وقرأ حفص: " للعالمين " بكسر اللام جمع عالم.
(ومن آياته منامكم بالليل والنهار) قيل: في هذه الآية تقديم وتأخير، والمعنى:
ومن آياته منامكم بالليل وابتغاؤكم من فضله بالنهار، فحذف حرف الجر لاتصاله بالليل وعطفه عليه، والواو تقوم مقام حرف الجر إذا اتصلت بالمعطوف عليه في الاسم الظاهر خاصة، فجعل النوم بالليل دليلا على الموت، والتصرف بالنهار دليلا على البعث. (إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون) يريد سماع تفهم وتدبر. وقيل: يسمعون الحق فيتبعونه. وقيل:
يسمعون الوعظ فيخافونه. وقيل: يسمعون القرآن فيصدقونه، والمعنى متقارب. وقيل:
كان منهم من إذا تلي القرآن وهو حاضر سد أذنيه حتى لا يسمع، فبين الله عز وجل هذه الدلائل عليه. (ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا) قيل: المعنى أن يريكم، فحذف " أن " لدلالة الكلام عليه، قال طرفة:
ألا أيهذا اللائمي أحضر الوغى * وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي وقيل: هو على التقديم والتأخير، أي ويريكم البرق من آياته. وقيل: أي ومن آياته آية يريكم بها البرق، كما قال الشاعر: (3) وما الدهر إلا تارتان فمنهما * أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح وقيل: أي من آياته أنه يريكم البرق خوفا وطمعا من آياته، قاله الزجاج، فيكون عطف جملة على جملة. " خوفا " أي للمسافر. " وطمعا " للمقيم، قاله قتادة. الضحاك: