الله صلى الله عليه وسلم: (إنما أنت رجل واحد من غطفان فلو خرجت فخذلت عنا إن استطعت كان أحب إلينا من بقائك (1) معنا فأخرج فإن الحرب خدعة) (2). فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة - وكان ينادمهم في الجاهلية - فقال: يا بني قريظة، قد عرفتم ودي إياكم، وخاصة ما بيني وبينكم، قالوا: قل فلست عندنا بمتهم، فقال لهم: إن قريشا وغطفان ليسوا كأنتم، البلد بلدكم، فيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم، وإن قريشا وغطفان قد جاءوا لحرب محمد وأصحابه، وقد ظاهرتموهم عليه فإن رأوا نهزة (2) أصابوها، وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل، ولا طاقة لكم به، فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهنا. ثم خرج حتى أتى قريشا فقال لهم: قد عرفتم ودي لكم معشر قريش، وفراقي محمدا، وقد بلغني أمر أرى من الحق أن أبلغكموه نصحا لكم، فاكتموا علي، قالوا نفعل، قال: تعلمون أن معشر يهود، قد ندموا على ما كان من خذلانهم محمدا، وقد أرسلوا إليه:
إنا قد ندمنا على ما فعلنا، فهل يرضيك أن نأخذ من قريش وغطفان [رجالا من (3) أشرافهم فنعطيكهم فتضرب] أعناقهم، ثم نكون معك على ما بقي منهم حتى نستأصلهم. ثم أتى غطفان فقال مثل ذلك. فلما كان ليلة السبت وكان ذلك من صنع الله عز وجل لرسوله والمؤمنين، أرسل أبو سفيان إلى بني قريظة عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان يقول لهم: إنا لسنا بدار مقام، قد هلك الخف والحافر، فاغدوا صبيحة غد للقتال حتى نناجز محمدا، فأرسلوا إليهم:
إن اليوم يوم السبت، وقد علمتم ما نال منا من تعدى في السبت، ومع ذلك فلا نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا، فلما رجع الرسول بذلك قالوا: صدقنا والله نعيم بن مسعود، فردوا