والشرط الثالث هو أن يستشهد بها مدعى الرسالة على الله عز وجل، فيقول: آيتي أن يقلب الله سبحانه هذا الماء زيتا أو يحرك الأرض عند قولي لها، تزلزلي، فإذا فعل الله سبحانه ذلك حصل المتحدي به.
الشرط الرابع هو أن تقع على وفق دعوى المتحدي بها المستشهد بكونها معجزة له، وإنما وجب اشتراط هذا الشرط لأنه لو قال المدعى للرسالة: آية نبوتي ودليل حجتي أن تنطق يدي أو هذه الدابة فنطقت يده أو الدابة بأن قالت: كذب وليس هو نبي فإن هذا الكلام الذي خلقه الله تعالى دال كذب المدعى للرسالة، لأن ما فعله الله لم يقع على وفق دعواه. وكذلك ما يروى أن مسيلمة الكذاب لعنه الله تفل في بئر ليكثر ماؤها فغارت البئر وذهب ما كان فيها من الماء، فما فعل الله سبحانه من هذا، كان من الآيات المكذبة لمن ظهرت على يديه، لأنها وقعت على خلاف ما أراده المتنبئ الكذاب.
والشرط الخامس من شروط المعجزة ألا يأتي أحد بمثل ما أتى به المتحدي على وجه المعارضة، فإن تم الأمر المتحدي به المستشهد به على النبوة على هذا الشرط مع الشروط المتقدمة فهي معجزة داله على نبوة من ظهرت على يده، فإن أقام الله تعالى من يعارضه حتى يأتي بمثل ما أتى به ويعمل مثل ما عمل بطل كونه نبيا، وخرج عن كونه معجزا ولم يدل على صدقه، ولهذا قال المولى سبحانه: " فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين " وقال:
" أم يقولون افتراه قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات ". كأنه يقول: إن ادعيتم أن هذا القرآن من نظم محمد صلى الله عليه وسلم وعمله فاعملوا عشر سور من جنس نظمه، فإذا عجزتم بأسركم عن ذلك فاعلموا أنه ليس من نظمه ولا من عمله.
لا يقال، إن المعجزات المقيدة بالشروط الخمسة لا تظهر إلا على أيدي الصادقين، وهذا المسيخ الدجال فيما رويتم عن نبيكم صلى الله عليه وسلم يظهر على يديه من الآيات العظام، والأمور الجسام، ما هو معروف مشهور، فإنا نقول: ذلك يدعى الرسالة، وهذا يدعى الربوبية وبينهما من الفرقان ما بين البصراء والعميان، وقد قام الدليل العقلي على أن بعثه بعض الخلق