قوله تعالى: (فإن لكم ما سألتم) " ما " نصب بإن، وقرأ ابن وثاب والنخعي " سألتم " بكسر السين، يقال: سألت وسلت بغير همز. وهو من ذوات الواو، بدليل قولهم:
يتساولان. ومعنى (ضربت عليهم الذلة والمسكنة) أي ألزموهما وقضى عليهم بهما، مأخوذ من ضرب القباب، قال الفرزدق في جرير:
ضربت عليك العنكبوت بنسجها * وقضى عليك به الكتاب المنزل وضرب الحاكم على اليد، أي حمل وألزم. والذلة: الذل والصغار. والمسكنة: الفقر.
فلا يوجد يهودي وإن كان غنيا خاليا من زي الفقر وخضوعه ومهانته. وقيل: الذلة فرض الجزية، عن الحسن وقتادة. والمسكنة الخضوع، وهي مأخوذة من السكون، أي قلل الفقر حركته، قاله الزجاج. وقال أبو عبيدة: الذلة الصغار. والمسكنة مصدر المسكين.
وروى الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس: " وضربت عليهم الذلة والمسكنة " قال: هم أصحاب القبالات (1).
قوله تعالى: (وباءوا) أي انقلبوا ورجعوا، أي لزمهم ذلك. ومنه قول عليه السلام في دعائه ومناجاته: (أبوء بنعمتك علي) أي أقر بها وألزمها نفسي. وأصله في اللغة الرجوع، يقال باء بكذا، أي رجع به، وباء إلى المباءة وهي المنزل أي رجع. والبواء:
الرجوع بالقود. وهم في هذا الامر بواء، أي سواء، يرجعون فيه إلى معنى واحد. وقال الشاعر: (2) ألا تنتهي عنا ملوك وتتقي * محارمنا لا يبؤؤ الدم بالدم أي لا يرجع الدم بالدم في القود. وقال:
فأبوا بالنهاب وبالسبايا * وأبنا بالملوك (3) مصفدينا أي رجعوا ورجعنا. وقد تقدم معنى الغضب في الفاتحة (4).