وفتيان صدق قد بعثت بسحرة (1) * فقاموا جميعا بين عاث ونشوان وقال عنترة:
وصحابة شم الأنوف بعثتهم * ليلا وقد مال الكرى بطلاها (2) وقال بعضهم " بعثناكم من بعد موتكم " [البقرة: 56] علمناكم من بعد جهلكم.
قلت: والأول أصح لان الأصل الحقيقة، وكان موت عقوبة ومنه قوله تعالى:
" ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم " على ما يأتي (3) [البقرة: 243].
الخامسة - قال الماوردي: واختلف في بقاء تكليف من أعيد بعد موته ومعاينة الأحوال المضطرة إلى المعرفة على قولين: أحدهما - بقاء تكليفهم لئلا يخلو عاقل من تعبد.
الثاني: سقوط تكليفهم معتبرا بالاستدلال دون الاضطرار.
قلت: والأول أصح فإن بني إسرائيل قد رأوا الجبل في الهواء ساقطا عليهم والنار محيطة بهم وذلك مما اضطرهم إلى الايمان وبقاء التكليف ثابت عليهم ومثلهم قوم يونس.
ومحال أن يكونوا غير مكلفين. والله أعلم.
قوله تعالى: وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (57) فيه ثماني مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (وظللنا عليكم الغمام) أي جعلناه عليكم كالظلة. والغمام جمع غمامة كسحابة وسحاب قاله الأخفش سعيد. قال الفراء: ويجوز غمائم وهي السحاب لأنها تغم السماء أي تسترها وكل مغطى فهو مغموم ومنه المغموم على عقله. وغم الهلال