الثالثة عشرة - قوله تعالى: (وفي ذلكم) إشارة إلى جملة الامر إذ هو خبر فهو كمنفرد حاضر أي وفي فعلهم ذلك بكم بلاء أي امتحان واختبار و " بلاء " نعمة ومنه قوله تعالى:
" وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا " [الأنفال: 17] قال أبو الهيثم البلاء يكون حسنا ويكون سيئا وأصله المحنة والله عز وجل يبلو عبده بالصنع الجميل ليمتحن شكره ويبلوه بالبلوى التي يكرهها ليمتحن صبره فقيل للحسن بلاء وللسيئ بلاء حكاه الهروي وقال قوم الإشارة ب " ذلكم " إلى التنجية فيكون البلاء على هذا في الخير أي تنجيتكم نعمة من الله عليكم وقال الجمهور:
الإشارة إلى الذبح ونحوه والبلاء هنا في الشر والمعنى: وفى الذبح مكروه وامتحان. وقال ابن كيسان ويقال في الخير أبلاه الله وبلاه وأنشد جزى الله بالاحسان ما فعلا بكم * وأبلاهما خير البلاء الذي يبلو (1) فجمع بين اللغتين والأكثر في الخير أبليته وفي الشر بلوته وفى الاختبار ابتليته وبلوته قاله النحاس.
قوله تعالى: وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون (50) قوله تعالى: (وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم) " إذ " في موضع نصب و " فرقنا " فلقنا فكان كل فرق كالطود العظيم أي الجبل العظيم. وأصل الفرق الفصل ومنه فرق الشعر ومنه الفرقان لأنه يفرق بين الحق والباطل أي يفصل ومنه " فالفارقات فرقا " (2) [المرسلات: 4] يعنى الملائكة تنزل بالفرق بين الحق والباطل ومنه " يوم الفرقان " (3) [الأنفال: 41]] يعنى يوم بدر كان فيه فرق بين الحق والباطل ومنه " وقرآنا فرقناه " (4) [الاسراء: 106] أي فصلناه وأحكمناه وقرأ الزهري:
" فرقنا " بتشديد الراء أي جعلناه فرقا ومعنى " بكم " أي لكم فالباء بمعنى اللام وقيل الباء في مكانها أي فرقنا البحر بدخولكم إياه أي صاروا بين الماءين فصار الفرق بهم وهذا أولى يبينه " فانفلق "