الله صلى الله عليه وسلم: (لقد هممت أن امر فتيتي فيجمعوا حزما من حطب ثم أتى قوما يصلون في بيوتهم ليست لهم علة فأحرقها عليهم). هذا ما احتج به من أوجب الصلاة في الجماعة فرضا وهي ظاهرة في الوجوب وحملها الجمهور على تأكيد أمر شهود الصلوات في الجماعة بدليل حديث ابن عمر وأبي هريرة وحملوا قول الصحابة وما جاء في الحديث من أنه (لا صلاة له) على الكمال والفضل وكذلك قوله عليه السلام لابن أم مكتوم (فأجب) على الندب. وقوله عليه السلام (لقد هممت) لا يدل على الوجوب الحتم لأنه هم ولم يفعل وإنما مخرجه مخرج التهديد والوعيد للمنافقين الذين كانوا يتخلفون عن الجماعة والجمعة.
يبين هذا المعنى ما رواه مسلم عن عبد الله قال (من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلى هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، ولو تركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين (1) حتى يقام في الصف). فبين رضي الله عنه في حديثه أن الاجتماع سنة من سنن الهدى وتركه ضلال، ولهذا قال القاضي أبو الفضل عياض: اختلف في التمالؤ على ترك ظاهر السنن، هل يقاتل عليها أولا، والصحيح قتالهم، لان في التمالؤ عليها إماتتها.
قلت: فعلى هذا إذا أقيمت السنة وظهرت جازت صلاة المنفرد وصحت. روى مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعا وعشرين درجة وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا ينهزه (2) إلا الصلاة لا يريد إلا الصلاة فلم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة