والقلب، والحمد إنما يكون باللسان خاصة. وقيل: الحمد أعم، لان فيه معنى الشكر ومعنى المدح، وهو أعم من الشكر، لان الحمد يوضع موضع الشكر ولا يوضع الشكر موضع الحمد.
وروي عن ابن عباس أنه قال: الحمد لله كلمه كل شاكر، وإن آدم عليه السلام قال حين عطس: الحمد لله. وقال الله لنوح عليه السلام: " فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين " (1) وقال إبراهيم عليه السلام: " الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحق " (2). وقال في قصة داود وسليمان: " وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين " (3). وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: " وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا " (4). وقال أهل الجنة: " الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن " (5). " وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين " (6) . فهي كلمة كل شاكر.
قلت: الصحيح أن الحمد ثناء على الممدوح بصفاته من غير سبق إحسان، والشكر ثناء على المشكور بما أولى من الاحسان (7). وعلى هذا الحد قال علماؤنا: الحمد أعم من الشكر، لان الحمد يقع على الثناء وعلى التحميد وعلى الشكر، والجزاء مخصوص إنما يكون مكافأة لمن أولاك معروفا، فصار الحمد أعم في الآية لأنه يزيد على الشكر. ويذكر الحمد بمعنى الرضا، يقال:
بلوته فحمدته، أي رضيته. ومنه قول تعالى: " مقاما محمودا " (8). وقال عليه السلام: (أحمد إليكم غسل الإحليل) أي أرضاه لكم. ويذكر عن جعفر الصادق في قوله " الحمد لله ":
من حمده بصفاته كما وصف نفسه فقد حمد، لان الحمد جاء وميم ودال، فالحاء من الوحدانية، والميم من الملك، والدال من الديمومية، فمن عرفه بالوحدانية والديمومية والملك فقد عرفه، وهذا هو حقيقة الحمد لله. وقال شقيق بن إبراهيم في تفسير " الحمد لله " قال: هو على ثلاثة أوجه: أولها إذا أعطاك الله شيئا تعرف من أعطاك. والثاني أن ترضى بما أعطاك. والثالث ما دامت قوته في جسدك ألا تعصيه، فهذه شرائط الحمد.