الأول: ان هذا القدر من الآية نسخ بقوله تعالى: * (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) * فأخبرنا إسماعيل بن أحمد قال: أبنا عمر بن عبيد الله البقال قال: أبنا ابن بشران قال: أبنا إسحاق الكاذي قال: بنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: أبنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال: بنا ابن مبارك عن يونس عن الزهري * (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) * ثم أحل نكاح المحصنات من أهل الكتاب لم ينسخ من هذه الآية فنكاح كل مشرك سوى نساء أهل الكتاب حرام.
والثاني: أن قوله: * (ولا تنكحوا المشركات) * لفظ عام خص منه الكتابيات بآية المائدة وهذا تخصيص لا نسخ وعلى هذا الفقهاء وهو الصحيح وقد زعم قوم أن أهل الكتاب ليسوا مشركين وهذا فاسد لأنهم قالوا عزير ابن الله والمسيح ابن الله فهم بذلك مشركون.
ذكر الآية الثامنة والعشرين:
قوله تعالى: * (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى) * توهم قوم قل علمهم أن هذه الآية منسوخة فقالوا هي تقتضي مجانبة الحائض على الإطلاق كما يفعله اليهود ثم نسخت بالسنة وهو ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح الاستمتاع بالحائض إلا النكاح وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستمتع من الحائض بما دون الأزار وهذا ظن منهم فاسد لأنه لا خلاف بين الآية والأحاديث قال أحمد بن حنبل: الحيض موضع الدم ويوضح هذا التعليل للنهي بأنه أذى فخص المنع مكان الأذى ثم لو كانت الأحاديث تضاد الآية قدمت الآية لما بينا في أول الكتاب من أن الناسخ ينبغي من أن يشابه المنسوخ في قوته والقرآن أقوى من السنة.