وعليهم منذر بن ساوي يدعوهم إلى الإسلام فإن أبوا فليؤدوا الجزية فلم أتاه الكتاب عرضه على من عنده من العرب واليهود والنصارى والمجوس فأقروا بالجزية وكرهوا الإسلام فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما العرب فلا تقبل منهم إلا الإسلام أو السيف وأما أهل الكتاب والمجوس فأقبل منهم الجزية " فلما قرأوا الكتاب أسلمت العرب وأعطى أهل الكتاب والمجوس الجزية فقال المنافقون عجبا لمحمد يزعم أن الله بعثه ليقاتل الناس كافة حتى يسلموا وقد قبل من مجوس هجر وأهل الكتاب الجزية فهلا أكرههم على الإسلام وقد ردها على إخواننا من العرب فشق ذلك على المسلمين فنزلت هذه الآية.
والرابع: أنه لما عابهم في تقليد آبائهم بالآية المتقدمة أعلمهم بهذه الآية أن المكلف إنما يلزمه حكم نفسه وأنه لا يضره ضلال من ضل إذا كان مهتديا حتى يعلموا أنه لا يلزمهم من ضلال آبائهم شئ من الذم والعقاب وإذا تلمحت هذه المناسبة بين الآيتين لم يكن الأمر للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ها هنا مدخل وهذا أحسن الوجوه في الآية.
ذكر الآية التاسعة:
قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم) * الإشارة بهذا إلى الشاهدين الذين يشهدان على الموصي في السفر. والناس في قوله: * (ذوا عدل منكم) * قائلان:
الأول: من أهل دينكم وملتكم.
أخبرنا عبد الوهاب الحافظ قال: أبنا أبو الفضل بن خيرون وأبو طاهر الباقلاوي قالا: أبنا ابن شاذان قال: أبنا أحمد بن كامل قال: حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي عن أبيه عن جده عن ابن عباس رضي