الآن) * الآيتان إنما سمى فاعل الذنب جاهلا لأن فعله مع العلم بسوء مغبته فأشبه من جهل المغبة والتوبة من قريب: ما كان قبل معاينة الملك فإذا حضر الملك لسوق الروح لم تقبل توبة لأن الإنسان حينئذ يصير كالمضطر إلى التوبة فمن تاب قبل ذلك قبلت توبته أو أسلم عن كفر قبل إسلامه وهذا أمر ثابت محكم. وقد زعم بعض من لا فهم له: أن هذا الأمر أقر على هذا في حق أرباب المعاصي من المسلمين ونسخ حكمه في حق الكفار بقوله: * (ولا الذين يموتون وهم كفار) * وهذا ليس بشئ فإن حكم الفريقين واحد.
ذكر الآية العاشرة:
قوله تعالى: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف) * هذا كلام محكم عند عامة العلماء ومعنى قوله: (إلا ما قد سلف) أي بعدما قد سلف في الجاهلية فإن ذلك معفو عنه. وزعم بعض من قل فهمه: أن الاستثناء نسخ ما قبله.
وهذا تخليط لا حاصل له ولا يجوز أن يلتفت إليه من جهتين:
الأول: أن الاستثناء ليس بنسخ.
والثاني: أن الاستثناء عائد إلى مضمر تقديره فإن فعلتم عوقبتم إلا ما قد سلف فإنكم لا تعاقبون عليه فلا معنى للنسخ ههنا.
ذكر الآية الحادية عشر:
قوله تعالى: * (وإن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف) * وهذه حكمها حكم التي قبلها. وقد زعم الزاعم هناك أن هذه كتلك في أن الاستثناء ناسخ لما قبله وقد بينا رذولة هذا القول.