تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٣٠٨
سورة التوبة (65 67) 65 قوله تعالى (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب) الآية وسبب نزول هذه الآية على ما قال الكلبي ومقاتل وقتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسير في غزوة تبوك وبين يديه ثلاثة نفر من المنافقين اثنان يستهزئان بالقرآن والرسول والثالث يضحك قيل كانوا يقولون إن محمدا يزعم أنه يغلب الروم ويفتح مدائنهم ما أبعده من ذلك وقيل كانوا يقولون إن محمدا يزعم أنه نزل في أصحابنا المقيمين بالمدينة قرآن وإنما هو قوله وكلامه فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك فقال احبسوا على الركب فدعاهم وقال لهم قلتم كذا وكذا فقالوا إنما كنا نخوض ونلعب أي كنا نتحدث ونخوض في الكلام كما يفعل الركب لقطع الطريق بالحديق واللعب قال عمر فلقد رأيت عبد الله بن أبي يشتد قدام رسول الله صلى الله عليه وسلم والحجارة تنكبه وهو يقول إنما كنا نخوض ونلعب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون ما يلتفت إليه ولا يزيده عليه قوله (قل) أي قل يا محمد للمنافقين (أبا لله وآياته) كتابه (ورسوله كنتم تستهزؤون) 66 (لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) فإن قيل كيف قال أكفرتم بعد إيمانكم وهم لم يكونوا مؤمنين قيل معناه أظهرتم الكفر بعدما أظهرتم الإيمان (إن نعف عن طائفة منكم) أي نتب على طائفة منكم وأراد بالطائفة واحدا (نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين) بالاستهزاء وقرأ عاصم (نعف) بالنون وفتحها وضم الفاء (نعذب) بالنون وكسر الدال (طائفة) رفع على غير تسمية الفاعل وقال محمد بن إسحاق الذي عفي عنه رجل واحد وهو مخشي بن حمير الأشجعي يقال هو الذي كان يضحك ولا يخوض وكان يمشي مجانبا لهم وينكر بعض ما يسمع فلما نزلت هذه الآية تاب من نفاقه وقال اللهم إني لا أزال أسمع آية تقرأ عني بها تقشعر الجلود منها وتجب منها القلوب اللهم اجعل وفاتي قتلا في سبيلك لا يقول أحد أنا غسلت أنا كفنت أنا دفنت فأصيب يوم اليمامة فما أحد من المسلمين إلا عرف مصرعه غيره 67 قوله تعالى (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض) أي هم على دين واحد وقيل أمرهم واحد بالاجتماع على النفاق (يأمرون بالمنكر) بالشرك والمعصية (وينهون عن المعروف)
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»