تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٣١١
سورة التوبة (73 74) النعيم الذي هم فيه (ذلك هو الفوز العظيم) روينا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله عز وجل لأهل الجنة يا أهل الجنة هل رضيتم فيقولون ربنا ومالنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعطه أحدا من خلقك فيقول أفلا أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون ربنا واي شيء أفضل من ذلك فيقول أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا 73 قوله تعالى (يا أيها النبي جاهد الكفار) بالسيف والقتل (والمنافقين) واختلفوا في صفة جهاد المنافقين قال ابن مسعود بيده فإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطع فبقلبه وقال لا تلق المنافقين إلا بوجه مكفهر وقال ابن عباس باللسان وترك الرفق وقال الضحاك بتغليظ الكلام وقال الحسن وقتادة بإقامة الحدود عليهم (واغلظ عليهم ومأواهم) في الآخرة (جهنم وبئس المصير) قال عطاء نسخت هذه الآية كل شيء من العفو والصفح 74 قوله تعالى (يحلفون بالله ما قالوا) قال ابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في ظل حجرة فقال إنه سيأتيكم إنسان فينظر إليكم بعيني شيطان فإذا جاء فلا تكلموه فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علام تشتمني أنت وأصحابك فانطلق الرجل وجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما قالوا فأنزل الله عز وجل هذه الآية وقال الكلبي نزلت في الجلاس بن سويد وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب ذات يوم بتبوك فذكر المنافقين وسماهم رجسا وعابهم فقال جلاس لئن كان محمد صادقا لنحن شر من الحمير فسمعه عامر بن قيس فقال أجل إن محمدا لصادق وأنتم شر من الحمير فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أتاه عامر بن قيس فأخبره بما قال الجلاس فقال الجلاس كذب علي يا رسول الله وأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلفنا عند المنبر فقام الجلاس عند المنبر بعد العصر فحلف بالله الذي لا إله إلا هو هو ما قاله ولقد كذب علي عامر ثم قام عامر فحلف بالله الذي لا إله إلا هو لقد قاله وما كذبت عليه ثم رفع يديه إلى السماء وقال اللهم أنزل على نبيك تصديق الصادق منا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون آمين فنزل جبريل عليه السلام من السماء قبل أن يتفرقوا بهذه الآية حتى بلغ (فإن يتوبوا يك خيرا لهم) فقام الجلاس فقال يا رسول الله أسمع الله عز وجل قد عرض علي التوبة صدق عامر بن قيس فيما قاله لقد قلته وأنا استغفر الله وأتوب إليه فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك منه
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»