تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٣٠٣
المحتاج الزمن والمسكين الصحيح المحتاج وروي عن عكرمة أنه قال الفقراء من المسلمين والمساكين من أهل الكتاب وقال الشافعي الفقير من لا مال ولا حرفة تقع منه موقعا زمنا كان أو غير زمن والمسكين من كال له مال أو حرفة ولا يغنيه سائلا كان أو غير سائل فالمسكين عنده أحسن حالا من الفقير لأن الله تعالى قال (أما السفينة فكانت لمساكين) أثبت لهم ملكا مع اسم المسكينة وعند أصحاب الرأي الفقير أحسن حالا من المسكين وقال القتبي الفقير الذي له البلغة من العيش والمسكين الذي لا شيء له وقيل الفقير من له المسكن والخادم والمسكين من لا ملك له وقالوا كل محتاج إلى شيء فهو مفتقر إليه وإن كان غنيا عن غيره قال الله تعالى (أنتم الفقراء إلى الله) والمسكين المحتاج إلى كل شيء ألا ترى كيف حض على إطعامه وجعل طعام الكفارة له ولا فاقة أشد من الحاجة إلى سد الجوعة وقال إبراهيم النخعي الفقراء هم المهاجرون والمساكين من لم يهاجروا من المسلمين وفي الجملة الفقر والمسكنة عبارتان عن الحاجة وضعف الحال فالفقير المحتاج الذي كسرت الحاجة فقار ظهره والمسكين الذي ضعفت نفسه وسكنت عن الحركة في طلب القوت أخبرنا عبد الوهاب بن محمد والخطيب ثنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ثنا أبو العباس الأصم ثنا الربيع أنبأنا الشافعي أنبأنا سفيان بن عيينة عن هشام يعني ابن عروة عن أبيه عن عبيد الله بن عدي بن الخيار أن رجلين أخبراه أنهما أتيا رسول الله فسألاه عن الصدقة فصع فيهما وصوب فقال إن شئتما أعطيتكما ولاحظ فيها لغني ولا لذي قوة مكتسب واختلفوا في حد الغنى الذي يمنع أخذ الصدقة فقال الأكثرون حده أن يكون عنده ما يكفيه وعياله سنة وهو قول مالك والشافعي وقال أصحاب الرأي حده أن يملك مائتي درهم وقال قوم من ملك خمسين درهما لا تحل له الصدقة لما روينا عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خموش أو خدوش أو كدوح قيل يا رسول الله وما يغنيه قال خمسون درهما أو قيمتها من الذهب وهو قول الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق وقالوا لا يجوز أن يعطى الرجل من الزكاة أكثر من خمسين درهما وقيل أربعون درهما لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا قوله تعالى (والعاملين عليها) وهم السعاة الذين يتولون قبض الصدقات من أهلها ووضعها في حقها فيعطون من مال الصدقة فقراء كانوا أو أغنياء فيعطون مثل أجر عملهم وقال الضحاك ومجاهد لهم الثمن من الصدقة (والمؤلفة قلوبهم) فالصنف الرابع من المستحقين للصدقة هم المؤلفة قلوبهم وهم قسمان قسم مسلمون وقسم كفار فأما المسلمون فقسمان قسم دخلوا في الإسلام ونيتهم ضعيفة فيه فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم تألفا كما أعطى عيينة بن بدور والأقرع بن حابس والعباس بن مرداس
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»