(حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا) اختلف القراء في قوله (كذبوا) فقرأ أهل الكوفة وأبو جعفر (كذبوا) بالتخفيف وكانت عائشة تنكر هذا القراءة وقرأ الآخرون بالتشديد فمن شدده قال معناه حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وظنوا أي أيقنوا يعني الرسل أن الأمم قد كذبوهم تكذيبا لا يرجى بعد إيمانهم والظن بمعنى اليقين وهذا معنى قول قتادة وقال بعضهم معناه حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قولهم أن يصدقوهم وظنوا أن من آمن بهم من قومهم قد كذبوهم وارتدوا عن دينهم لشدة المحنة والبلاء عليهم استبطاء النصر ومن قرأ بالتخفيف قال معناه حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وظنوا أي ظن قومهم أن الرسل قد كذبتهم في وعيد العقاب وروي عن ابن عباس أن معناه ضعف قلوبهم يعني وظنت الرسل أنهم قد كذبوا فيما وعدوا من النصر وكانوا بشرا فضعفوا ويئسوا وظنوا أنهم قد أخلفوا ثم تلا (حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله جاءهم) أي جاء الرسل نصرنا (فنجي من نشاء) قرأ العامة بنونين أي نحن ننجي من نشاء وقرأ ابن عامر وحمزة وعاصم ويعقوب بنون واحدة مضمومة فيكون محل (من) رفعا على هذه القراءة وعلى القراءة الأولى يكون نصبا فنجي من نشاء عند نزول العذاب وهم المؤمنون المطيعون (ولا يرد بأسنا) عذابنا (عن القوم المجرمين) أي المشركين 111 (لقد كان في قصصهم) أي في خبريوسف وإخوته (عبرة) عظة (لأولي الألباب ما كان) يعني القرآن (حديثا يفترى) أي يختلق (ولكن تصديق الذي) أي ولكن كان تصديق الذي (بين يديه) من التوراة والإنجيل (وتفصيل كل شيء) مما يحتاج العباد إليه من الحلال والحرام والأمر والنهي (وهدى ورحمة) بيانا ونعمة (لقوم يؤمنون)
(٤٥٥)