تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢٦٧
بالسلاح فلما تظاهر بنو بكر وقريش على خزاعة ونقضوا عهدهم خرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال (لا هم إني ناشد محمدا حلف أبينا وأبيه الأتلدا) (فانصر هداك الله نصرا أبدا وادع عباد الله يأتو مددا) (أبيض مثل الشمس يسموا صعدا إن سيم خسفا وجهه تربدا) (هم بيتونا بالهجير هجدا وقتلونا ركعا وسجدا) (كنت لنا أبا وكنا ولدا ثمت أسلمنا ولم ننزع يدا) (فيهم رسول الله قد تجردا في فليق كالبحر يجري مزبدا) (إن قريشا أخلفوك الموعدا ونقضوا ميثاقك المؤكدا) (وزعموا أن لست تنجي أحدا وهم أذل وأقل عددا) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نصرت إن لم أنصركم وتجهز إلى مكة سنة ثمان من الهجرة فلما كان سنة تسع أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحج ثم قال إنه يحضر المشركون فيطوفون عراة فبعث أبا بكر السنة أميرا على الموسم ليقيم للناس الحج وبعث معه أربعين آية من صدر براءة ليقرأها على أهل الموسم ثم بعث بعده عليا كرم الله وجهه على ناقته العضباء ليقرأ على الناس صدر براءة وأمره أن يؤذن بمكة ومنى وعرفة أن قد برئت ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم من كل مشرك لا يطوف بالبيت عريان فرجع أبو بكر فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي أنزل في شأني شيء قال لا ولكن لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي أما ترضى يا أبا بكر أنك كنت معي في الغار وأنك صاحبي على الحوض قال بلى يا رسول الله فسار أبو بكر رضي الله عنه أميرا على الحج وعلي رضي الله عنه ليؤذن ببراءة فلما كان قبل يوم التوبة بيوم خطب أبو بكر الناس وحدثهم عن مناسكهم وأقام للناس الحج والعرب في تلك السنة على منازلهم التي كانوا عليها في الجاهلية من الحج حتى إذا كان يوم النحر قام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فأذن في الناس بالذي أمر به وقرأ عليهم سورة براءة وقال زيد بن تبيع سألنا عليا بأي شيء بعثت في تلك الحجة قال بعثت بأربع لا يطوف بالبيت عريان ومن كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد فهو إلى مدته ومن لم يكن له مدة فأجله أربعة أشهر ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ولا يجتمع المشركون والمسلمون بعد عامهم هذا ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر حجة الوداع فإن قال قائل كيف بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه ثم عزله وبعث عليا رضي الله عنه قلنا ذكر العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعزل أبا بكر رضي الله عنه وكان أميرا وإنما بعث عليا رضي الله عنه لينادي بهذه الآيات وكان السبب فيه أن العرب تعارفوا فيما بينهم في عقد العهود ونقضها أن لا يتولى ذلك إلا سيدهم أو رجل من رهطه فبعث عليا رضي الله عنه إزاحة للعلة لئلا يقولوا هذا خلاف ما نعرفه فينا في نقض العهد والدليل على أن أبا بكر رضي الله عنه كان هو
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»