تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢٦٩
سورة التوبة (4 5) 4 (إلا الذين عاهدتم من المشركين) هذا استثناء من قوله (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين) إلا من عهد الذين عاهدتم من المشركين وهم بنو ضمرة حي من كنانة أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بإتمام عهدهم إلى مدتهم وكان قد بقي من مدتهم تسعة أشهر وكان السبب فيه أنهم لم ينقضوا العهد وهذا معنى قوله تعالى (ثم لم ينقصوكم شيئا) من عهدهم الذي عاهدتموهم عليه (ولم يظاهروا) لم يعاونوا (عليكم أحدا) من عدوكم وقرأ عطاء بن يسار (لم ينقصوكم) بالضاد المعجمة من نقض العهد (فأتموا إليهم عهدهم) فأوفوا لهم بعهدهم (إلى مدتهم) إلى أجلهم الذي عاهدتموهم عليه (إن الله يحب المتقين) 5 قوله تعالى (فإذا انسلخ) انقضى ومضى (الأشهر الحرم) قيل هي الأشهر الأربعة رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم وقال مجاهد وابن إسحاق هي شهور العهد فمن كان له عهد فعهده أربعة أشهر ومن لا عهد له فأجله إلى انقضاء المحرم خمسون يوما وقيل لها حرم لأن الله تعالى حرم فيها على المؤمنين دماء المشركين والتعرض لهم فإن قيل هذا القدر بعض الأشهر الحرم والله تعالى يقول (فإذا انسلخ الأشهر الحرم) قيل لما كان هذا القدر متصلا بما مضى أطلق عليه اسم الجمع ومعناه مضت المدة المضروبة التي يكون معها انسلاخ الأشهر الحرم قوله (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) في الحل والحرم (وخذوهم) وأسروهم (واحصروهم) أي احبسوهم قال ابن عباس رضي الله عنه يريد إن تحصنوا فاحروهم أي امنعوهم من الخروج وقيل امنعوهم من الخروج وقيل امنعوهم من دخول مكة والتصرف في بلاد الإسلام (واقعدوا لهم كل مرصد) أي على كل طريق والمرصد الموضع الذي يرقب فيه العدو من رصدت الشيء أرصده إذا ترقبته يريد كونوا لهم رصدا لتأخذوهم من أي وجه توجهوا وقيل اقعدوا لهم بطريق مكة حتى لا يدخلوها (فإن تابوا) من الشرك (وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) يقول دعوهم فليتصرفوا في أمصارهم ويدخلوا مكة (إن الله غفور) لمن تاب (رحيم) به وقال الحسين بن الفضل هذه الآية نسخت كل آية في القرآن فيها ذكر الإعراض والصبر على أذى الأعداء
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»