تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٠
سورة التوبة (6 8) 6 قوله تعالى (وإن أحد من المشركين استجارك) أي استجارك أحد من المشركين الذين أمرتك بقتالهم وقتلهم أي استأمنك بعد انسلاخ الأشهر الحرم ليسمع كلام الله (فأجره) فأعذه وآمنه (حتى يسمع كلام الله) فيما له وعليه من الثواب والعقاب (ثم أبلغه مأمنه) أي إن لم يسلم أبلغه مأمنه أي الموضع الذي يأمن فيه وهو دار قومه فإن قاتلك بعد ذلك فقدرت عليه فاقتله (ذلك بأنهم قوم لا يعلمون) أي لا يعلمون دين الله وتوحيده فهم محتاجون إلى سماع كلام الله قال الحسن هذه الآية محكمة إلى يوم القيامة 7 قوله تعالى (كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله) هذا على وجه التعجب ومعناه حجة أي لا يكون لهم عهد عند الله ولا عند رسوله وهم يغدرون وينقضون العهد ثم استثنى فقال جلا وعلا (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام) قال ابن عباس هم قريش وقال قتادة هم أهل مكة الذين عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح أربعة أشهر يختارون من أمرهم إما أن يسلموا وإما أن يلحقوا بأي بلاد شاؤوا فأسلموا قبل الأربعة الأشهر قال السدي والكلبي وابن إسحاق هم قبائل من بكر بنو خزيمة وبنو مدلج وبنو ضمرة وبنو الديل وهم الذين كانوا قد دخلوا في عهد قريش يوم الحديبية فلم يكن نقض العهد إلا قريش وبنو الديل من بني بكر فأمر بإتمام العهد لمن لم ينقض وهم بنو ضمرة وهذا القول أقرب إلى الصواب لأن هذه الآيات نزلت بعد نقض قريش العهد وبعد فتح مكة فكيف يقول لشيء قد مضى (فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم) وإنما هم الذين قال عز وجل (إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا) كما نقصكم قريش ولم يظاهروا عليكم أحدا كما ظاهرت قريش بني بكر على خزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب المتقين) 8 قوله تعالى (كيف وإن يظهروا عليكم) هذا مردود على الآية الأولى تقديره كيف يكون لهم عهد عند الله وإن يظهروا عليكم (لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة) قال الأخفش كيف لا تقتلونهم وهم إن يظهروا عليكم أي يظفروا بكم لا يرقبوا لا يحفظوا وقال الضحاك لا
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»