تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢٦٦
سورة التوبة (1 2) 1 قوله تعالى (براءة من الله ورسوله) أي هذه براءة من الله وهي مصدر كالنشأة والدناءة قال المفسرون لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك كان المنافقون يرجفون الأراجيف وجعل المشركون ينقضون عهودا كانت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر الله عز وجل بنقض عهودهم وذلك قوله عز وجل (وإما تخافن من قوم خيانة) الآية قال الزجاج براءة أي قد برئ الله ورسوله من إعطائهم العهود والوفاء لهم بها إذا نكثوا (إلى الذين عاهدتم من المشركين) الخطاب مع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي عاهدهم وعاقدهم لأنه وأصحابه راضون بذلك فكأنهم عاقدوا وعاهدوا 2 (فسيحوا في الأرض) رجع من الخبر إلى الخطاب أي قل لهم سيحوا أي سيروا في الأرض مقبلين ومدبرين آمنين غير خائفين أحدا من المسلمين (أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله) أي غير فائتين ولا سابقين (وأن الله مخزي الكافرين) أي مذلهم بالقتل في الدنيا والعذاب في الآخرة واختلف العلماء في هذا التأجيل وفي هؤلاء الذي برئ الله ورسوله إليهم من العهود التي كانت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال جماعة هذا تأجيل من الله تعالى للمشركين فمن كانت مدة عهده أقل من أربعة أشهر رفعه إلى أربعة أشهر فقال جماعة هذا تأجيل من الله تعالى للمشركين فمن كانت مدة عهده أقل من أربعة أشهر رفعه إلى أربعة أشهر ومن كانت مدته أكثر من أربعة أشهر حطه إلى أربعة أشهر ومن كانت مدة عهده بغير أجل محدود حده بأربعة أشهر ثم هو حرب بعد ذلك لله ورسوله فيقتل حيث يدرك ويؤثر إلا أن يتوب وابتداء هذا الأجل يوم الحج الأكبر وانقضاؤه إلى عشر من شهر ربيع الآخر فأما من لم يكن له عهد فإنما أجله انسلاخ الأشهر الحرم وذلك خمسون يوما وقال الزهري الأشهر الأربعة شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم لأن هذه الآية نزلت في شوال والأول هو الأصوب وعليه الأكثرون وقال الكلبي إنما كانت الأربعة الأشهر لمن كان له عهد دون أربعة أشهر فأتم له أربعة أشهر فأما من كان له عهدا أكثر من أربعة أشهر فهذا أمر بإتمام عهده بقوله تعالى (فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم) قال الحسن أمر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم بقتال من قاتله من المشركين والبراءة منهم وأجلهم أربعة أشهر فلم يكن لأحد منهم أجل أكثر من أربعة أشهر لا من كان له عهد قبل البرء ولا من لم يكن له عهد فكان الأجل لجميعهم أربعة أشهر وأحل دماء جميعهم من أهل العهد وغيرهم بعد انقضاء الأجل وقيل نزلت هذه قبل تبوك قال محمد بن إسحاق ومجاهد وغيرهما نزلت في أهل مكة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاهد قريشا عام الحديبية على أن يضعوا الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ودخلت خزاعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل بنو بكر في عهد قريش ثم عدت بنو بكر على خزاعة فنالت منها وأعانتهم قريش
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»