وجوههم مسودة كأنما طليت بالقار فصاحوا بأجمعهم ألا قد حضركم العذاب فلما أن كانت ليلة الأحد خرج صالح من بين أظهرهم ومن اسلم معه إلى الشام فنزل رملة فلسطين فلما أصبح القوم تكفنوا وتحنطوا وألقوا أنفسهم بالأرض يقلبون أبصارهم إلى السماء مرة وإلى الأرض مرة لا يدرون من أين يأتيهم العذاب فلما اشتد الضحى من يوم الأحد أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصت كل شيء له صوت في الأرض فقطعت قلوبهم في صدورهم فلام يبق منهم صغير ولا كبير غلا هلك كما قال الله تعالى (فأصبحوا في دارهم جاثمين) إلا جارية مقعدة يقال لها ذريعة بنت سالف وكانت كافرة شديدة العداوة لصالح فأطلق الله رجليها بعدما عاينت العذاب فخرجت كأسرع ما يرى شيء قط حتى أتت قزح وهو واد القرى من حد ما بين الحجاز والشام فأخبرتهم بما عاينته من العذاب وما أصاب ثمود ثم استقت من الماء فسقيت فلما شربت ماتت وذكر السدي في عقر الناقة وأوحى الله إلى صالح عليه السلام أن قومك سيعقرون ناقتك فقال لهم ذلك فقالوا ما كنا نفعل فقال صالح إنه يولد في شهركم هذا غلام يعقرها فيكون هلاككم على يديه فقالوا لا يولد لنا ولد في هذا الشهر غلا قتلناه قال فولد لتسعة منهم في ذلك الشهر فذبحوا أبناءهم ثم ولد للعاشر فأبى أن يذبح ابنه وكان لم يولد له قبل ذلك وكان ابنه أزرق أحمر فنبت نباتا سريعا وكان إذا مر بالتسعة قالوا لو كان أبناؤنا أحياء لكانوا مثل هذا فغضب التسعة على صالح لأنه كان سبب قتل أولادهم فتقاسموا بالله لنبيتنه وأهله قالوا نخرج فيرى الناس أنا قد خرجنا إلى سفر فنأتي الغار فنكون فيه حتى إذا كانالليل وخرج صالح إلى مسجده أتيناه فقتلناه ثم رجعنا إلى الغار فكنا فيه ثم انصرفنا إلى رحلنا فقلنا ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون فيصدقوننا يظنون أنا قد خرجنا إلى سفر وكان صالح لا ينام معهم في القرية وكان يبيت في مسجد يقال له مسجد صالح فإذا أصبح أتاهم فوعظهم وذكرهم وإذا أمسى خرج إلى المسجد فبات فيه فانطلقوا فدخلوا الغار فسقط عليهم الغار فقتلهم فانطلق رجال ممن قد اطلع على ذلك منهم فإذا هم رضخ فرجعوا يصيحون في القرية أي عباد الله ما رضي صالح أن أمرهم بقتل أولادهم حتى قتلهم فاجتمع أهل القرية على عقر الناقة وقال ابن إسحاق كان تقاسم التسعة على تبييت صالح بعد عقرهم الناقة كما ذكر قال السدي وغيرهم فلما ولد ابن العاشر يعني قد أرشب في اليوم شاب غيره في الجمعة وشب في شهر شباب غيره في السنة فلما كبر جلس مع أناس يصيبون من الشراب فأرادوا ماء يمزجون به شرابهم وكان ذلك اليوم شرب الناقة فوجدوا الماء قد شربته الناقة فاشتد ذلك عليهم وقالوا ما نصنع نحن باللبن لو كان نأخذ هذا الماء الذي تشربه هذه الناقة فنسقيه أنعامنا وحروثنا كان خيرا لنا فقال ابن العاشر هل لكم في أن أعقرها لكم قالوا نعم فعقرها أخبرنا عبد الواحد المليحي أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا محمد بن مسكين ثنا يحيى بن حسان بن حيان أبو زكريا ثنا سليمان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من بئر بها ولا يسقوا منها فقالوا قد عجنا منها واستقينا فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين
(١٧٨)