تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ١٧٦
وآمنا بك فاخذ عليهم صالح مواثيقهم لئن فعلت لتصدقني ولتؤمن بي قالوا نعم فصلى صالح ركعتين ودعا به فتمخضت الصخرة تمخض النتوج بولدها ثم تحركت الهضبة فانصدعت عن ناقة عشراء جوفاء وبراء كما وصفوا لا يعلم ما بين جنبيها عظما إلا الله وهم ينظرون ثم نتجت سبقا مثلها في العظم فآمن به جندع بن عمرو ورهط من قومه وأراد أشراف ثمود أن يؤمنوا به ويصدقوه فنهاهم ذؤاب بن عمر بن لبيد والحباب صاحب أوثانهم ورباب بن صمغر وكان كاهنهم وكانوا من أشراف ثمود فلما خرجت الناقة قال لهم صالح هذه ناقة الله لها شرب ولكم شرب يوم معلوم فمكثت الناقة ومعها سقبها في أرض ثمود ترعى الشجر وتشرب الماء فكانت ترد الماء غبا فإذا كان يومها وضعت رأسها في بئر في الحجر يقال لها بئر الناقة فما ترفع رأسها حتى تشرب كل ماء فيها فلا تدع قطرة ثم ترفع رأسها فتتفحج حتى تفحج لهم فيحلبون ما شاؤوا من لبن فيشربون ويدخرون حتى يملؤ أوانيهم كلها ثم تصدر من غير الفج الذي وردت منه لا تقدر أن تصدر من حيث ترد يضيق عنها إذا كان يومهم فيشربون ما شاءوا من الماء ويدخرون ما شاءوا ليوم الناقة فهل له من ذلك في سعة ودعة وكانت الناقة تصيف إذا كان الحر بظهر الوادي فتهرب منها المواشي أغنامهم وبقرهم وإبلهم فتهبط إلى بطن الوادي في حره وجدبه وذلك أن المواشي تنفر منها إذا رأتها وتشتو ببطن الوادي إذا كان الشتاء فتهرب مواشيهم إلى ظهر الوادي في البرد والجدب فأضر ذلك بمواشيهم للبلاء والاختبار فكبر ذلك عليهم فعتوا عن أمر ربهم وحملهم ذلك على عقر الناقة فأجمعوا على عقرها وكانت امرأتان من ثمود إحداهما يقال لها عنيزة بنت غنم بن مجلز تكنى بأم غنم وكانت امرأة ذؤاب بن عمرو وكانت عجوزا مسنة وكانت ذات بنات حسان وذات مال من إبل وبقر وغنم وامرأة أخرى يقال لها صدوف بنت المحيا وكانت جميلة غنية ذات مواش كثيرة وكانتا من أشد الناس عداوة لصالح وكانتا تحبان عقر الناقة لما أضرت بهما من مواشيهما فتحيلتا في عقر الناقة فدعت صدوف رجلا من ثمود يقال له الحباب لعقر الناقة وعرضت عليه نفسها إن هو فعل فأبى عليها فدعت ابن عم لها يقال له مصدع بن مهرج بن المحيا وجعلت له نفسها على أن يعقر الناقة وكانت من أحسن الناس وأكثرهم مالا فأجابها إلى ذلك ودعت عنيزة بنت غنم قدار بن سالف وكان رجلا أحمر أزرق قصيرا يزعمون أنه كان لزانية ولك يمكن لسالف ولكنه ولد على فراش سالف فقالت أعطيك أي بناتي شئت على أن تعقر الناقة وكان قدار عزيزا منيعا في قومه أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهب حدثنا هشام عن أبيه أنه أخبره عبد الله بن زمعة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب وذكر الناقة والذي عقرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا انبعث أشقاها) انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في قومه مثل أبي زمعة رجعنا إلى القصة قالوا فانطلق قدار بن سالف ومصدع بن مهرج فاستغويا غواة ثمود فاتبعهم سبعة نفر فكانوا تسعة رهط فانطلق قدار وصدع وأصحابهما فرصدوا الناقة حين صدرت عن الماء وقد كمن لها قدار في أصل صخرة على طريقها وكمن لها مصدع في طريق آخر فمرت على مصدع فرماها بسهم فانتظم به في
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»