تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ١٧٧
عضلة ساقها وخرجت أم غنم عنيزة وأمرت ابنتها وكانت من أحسن الناس فأسفرت لقدار ثم زمرته فشد على الناقة بالسيف فكشف عرقوبها فخرت ورغت رغاة واحدة تحذر سقبها ثم طعن في لبتها فنحرها وخرج أهل البلد واقتسموا لحمها وطبخوه فلما رأى سبقها ذلك انطلق حتى أتى جبلا منيعا يقال له صنو وقيل اسمه قارة وأتى صالح فقيل له أدرك الناقة فقد عقرت فأقبل وخرجوا يتلقونه يعتذرون إليه يا نبي الله إنما عقرها فلان ولا ذنب لنا فقال صالح انظروا هل تذكرون فصيلها فإن أدركتموه فعسى أن يرفع الله عنكم العذاب فخرجوا يطلبونه فلما رأوه على الجبل ذهبوا ليأخذوه فأوحى الله إلى الجبل فتطاول في السماء حتى لا تناله الطير وجاء صالح فلما رآ الفصيل بكى حتى سالت دموعه ثم رغا ثلاثا وانفجرت الصخرة لدخلها فقال صالح لكل رغوة أجل يوم فتمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب وقال ابن إسحاق اتبع السقب أربعة نفر من التسعة الذين عقروا الناقة وفيهم مصدع بن مهرج وأخوه هؤاب بن مهرج فرماه مصدع بسهم فانتظم قلبه جره برجله فأنزله فألقوا لحمه مع لحم أدمه وقال لهم صالح انتهكتم حرمة الله فأبشروا بعذاب الله ونقمته قالوا وهم يهزؤن به ومتى ذلك يا صالح وما آية ذلك وكانوا يسمون الأيام فيهم الأحد أول والاثنين أهون والثاثاء دبار والأربعاء جبار والخميس مؤنسا والجمعة العروبة والسبت شبار وكانوا عقروا الناقة يوم الأربعاء فقال لهم صالح حين قالوا ذلك تصبحون غداة يوم مؤنس ووجوهكم مصفرة ثم تصبحون يوم العروبة ووجوهكم محمرة ثم تصبحون يوم شبار ووجوهكم مسودة ثم يصبحكم العذاب يوم أول فلما قال لهم صالح ذلك قال التسعة الذين عقورا الناقة هلم فلنقتل صالحا فإن كان صادقا عجلناه قبلنا وإن كان كاذبا قد كنا ألحقناه بناقته فأتوه ليلا ليبيتوه في أهله فدمغتهم الملائكة بالحجارة فلما ابطؤا على أصحابهم أتوا منزل صالح فوجدوهم قد رضخوا بالحجارة فقالوا لصالح أنت قتلتهم ثم هموا به فقامت عشيرته دونه ولبسوا السلاح وقالوا لهم والله لا تقتلونه أبدا فقد وعدكم أن العذاب نازل بكم بعد ثلاث ساعات فإن كان صادقا لم تزيدوا أربكم عليكم إلا غضبا وإن كان كاذبا فأنتم من وراء ما تريدون فانصرفوا عنهم ليلتهم فأصبحوا يوم الخميس ووجوههم مصفرة كأنما طليت بالخلوف صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم فعند ذلك أيقنوا العذاب وعرفوا أن صالحا قد صدقهم فطلبوه ليقتلوه وخرج صالح هاربا منهم حتى جاء إلى بطن من ثمود يقال لهم بني غنم فنزل على سيدهم رجل يقال له نفيل ويكنى بأبي هدب وهو مشرك فغيبه عنهم ولم يقدروا عليه فغدوا على أصحاب صالح يعذبونهم ليدلوهم عليه فقال رجل من أصحاب صالح يقال له مبدع بن هرم يا نبي الله إنهم ليعذبوننا لنهديهم عليك أفندلهم قال نعم فدلهم عليه وأتوا أبا هدب فكلموه في ذلك فقال نعم عندي صالح وليس لكم عليه سبيل فأعرضوا عنه وتركوه وشغلهم عنه ما أنزل الله بهم من عذابه فجعل بعضهم يخبر بعضا بما يرون في وجوههم أمسوا صاحوا بأجمعهم ألا قد مضى يوم من الجل فلما أصبحوا اليوم التالي إذا وجوههم محمرة كأنما خضبت بالدماء فصاحوا وبكوا فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم ألا قد مضى يومان من الأجل وحضركم العذاب فلما أصبحوا اليوم الثالث إذا
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»