وموافقة القرآن، فقالوا: يا عمر ما أحد أحب إلينا منك، قلت ولم؟ قالوا: لأنك تأتينا وتغشانا، قلت: إنما أجئ لأعجب من تصديق كتاب الله بعضه بعضا، وموافقة التوراة القرآن وموافقة القرآن التوراة، فبينما أنا عندهم ذات يوم إذ مر رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف ظهري، فقالوا: إن هذا صاحبك فقم إليه، فالتفت إليه فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل خوخة في المدينة، فأقبلت عليهم فقلت:
أنشدكم بالله وما أنزل عليكم من كتاب أتعلمون أنه رسول الله؟ فقال سيدهم: قد نشدكم الله فأخبروه. فقالوا: أنت سيدنا فأخبره، فقال سيدهم: إنا نعلم أنه رسول الله، قال:
فقلت فأنت أهلكهم إن كنتم تعلمون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم تتبعوه، قالوا: إن لنا عدوا من الملائكة وسلما من الملائكة، فقلت من عدوكم، ومن سلمكم؟ قالوا: عدونا جبريل، وهو ملك الفظاظة والغلظة والآصار والتشديد، قلت ومن سلمكم؟ قالوا ميكائيل، وهو ملك الرأفة واللين والتيسير، قلت فإني أشهدكم ما يحل لجبريل أن يعادي سلم ميكائيل، وما يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل وإنهما جميعا، ومن معهما أعداء لمن عادوا وسلم لمن سالموا. ثم قمت فدخلت الخوخة التي دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبلني فقال - يا ابن الخطاب ألا أقرؤك آيات نزلت علي قبل؟ قلت بلى -، فقرأ - قل من كان عدوا لجبريل فإنه - الآية، حتى بلغ - وما يكفر بها إلا الفاسقون - قلت: والذي بعثك بالحق ما جئت إلا أخبرك بقول اليهود. فإذا اللطيف الخبير قد سبقني بالخبر. قال عمر: فلقد رأيتني أشد في دين الله من حجر.
وقال ابن عباس: إن حبرا من أحبار اليهود من فدك يقال له عبد الله بن صوريا حاج النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله عن أشياء، فلما اتجهت الحجة عليه قال: أي ملك يأتيك من السماء؟ قال جبريل، ولم يبعث الله نبيا إلا وهو وليه، قال: ذاك عدونا من الملائكة، ولو كان ميكائيل لآمنا بك، إن جبريل نزل بالعذاب والقتال والشدة، فإنه عادانا مرارا كثيرة، وكان أشد ذلك علينا أن الله أنزل على نبينا أن