وصرخ الغفاري يا معشر المهاجرين، فلما أن جاء عبد الله بن أبي قال ابنه وراءك، قال:
مالك ويلك، قال: لا والله لا تدخلها أبدا إلا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولتعلم اليوم من الأعز من الأذل، فشكا عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع ابنه، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارتحل عنه حتى يدخل، أما إذ جاء أمر النبي عليه الصلاة والسلام فنعم، فدخل، فلما نزلت هذه وبان كذبه قيل له:
يا أبا حباب إنه قد نزلت فيك آي شداد فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لك، فلوى رأسه، فذلك قوله - وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤسهم - الآية.
سورة التغابن (بسم الله الرحمن الرحيم) قوله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم) الآية. قال ابن عباس: كان الرجل يسلم فإذا أراد أن يهاجر منعه أهله وولده وقالوا: ننشدك الله أن تذهب فتدع أهلك وعشيرتك وتصير إلى المدينة بلا أهل ولا مال، فمنهم من يرق لهم ويقيم ولا يهاجر، فأنزل الله هذه الآية.
أخبرنا أحمد بن عبد الله الشيباني، أخبرنا أبو الفضل أحمد بن إسماعيل بن يحيى ابن حازم، أخبرنا عمر بن محمد بن يحيى، أخبرنا محمد بن عمر المقدمي، أخبرنا أشعث بن عبد الله أخبرنا شعبه عن إسماعيل بن أبي خالد قال: كان الرجل يسلم فيلومه أهله وبنوه، فنزلت هذه الآية - إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم - قال عكرمة عن ابن عباس: وهؤلاء الذين منعهم أهلهم عن الهجرة لما هاجروا ورأوا الناس قد فقهوا في الدين هموا أن يعاقبوا أهليهم الذين منعوهم، فأنزل الله تعالى - وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم.