الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم) قالوا: هذا صدرها أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حراء، ثم أنزل آخرها بعد ذلك بما شاء الله. فأما الحديث الصحيح الذي روى (أن أول ما نزل سورة المدثر) فهو ما أخبرناه الأستاذ أبو إسحاق الثعالبي قال حدثنا عبد الله بن حامد قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال:
حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد البينسي، قال: حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن: أي القرآن أنزل قبل؟ قال: يا أيها المدثر: قلت: أو اقرأ باسم ربك، قال: سألت جابر بن عبد الله الأنصاري: أي القرآن أنزل قبل؟ قال: يا أيها المدثر، قال، قلت: أو اقرأ باسم ربك. قال جابر: أحدثكم ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني جاورت بحراء شهرا فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي، فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي ثم نظرت إلى السماء فإذا هو على الفرش في الهواء يعني جبريل فأخذتني رجفة فأتيت خديجة فأمرتهم فدثروني ثم صبوا علي الماء، فأنزل الله علي (يا أيها المدثر قم فأنذر) " رواه مسلم عن زهير ابن حرب عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، وهذا ليس بمخالف لما ذكرناه أولا، وذلك أن جابرا سمع من النبي صلى الله عليه وسلم القصة الأخيرة ولم يسمع أولها فتوهم أن سورة المدثر أول ما نزل وليس كذلك، ولكنها أول ما نزل عليه بعد سورة اقرأ.
والذي يدل على هذا ما أخبرنا أبو عبد الرحمن بن حامد قال: حدثنا محمد بن عبد الله ابن محمد بن زكريا قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه:
(فبينما أنا أمشي سمعت صوتا من السماء، فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالسا على كرسي بين السماء والأرض، فجثثت منه رعبا فرجعت فقلت: زملوني زملوني، فدثروني فأنزل الله يا أيها المدثر). رواه البخاري عن عبد الله بن محمد. ورواه