واشتد ذلك عليهم، فمكثوا بذلك حولا، فأنزل الله تعالى الفرج والراحة بقوله - لا يكلف الله نفسا إلا وسعها - الآية، فنسخت هذه الآية ما قبلها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد تجاوز لامتي ما حدثوا به أنفسهم ما لم يعملوا أو يتكلموا به) سورة آل عمران قال المفسرون: قدم وفد نجران، وكانوا ستين راكبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم، وفي الأربعة عشر ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم، فالعاقب أمير القوم وصاحب مشورتهم الذي لا يصدرون إلا عن رأيه واسمه عبد المسيح، والسيد إمامهم وصاحب رحلهم واسمه الأيهم، وأبو حارثة بن علقمة أسقفهم وحبرهم، وإمامهم وصاحب مدراسهم، وكان قد شرف فيهم ودرس كتبهم حتى حسن علمه في دينهم، وكانت ملوك الروم قد شرفوه ومولوه وبنوا له الكنائس لعلمه واجتهاده، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخلوا مسجده حين صلى العصر، عليهم ثياب الحبرات جبات وأردية في جمال رجال الحارث بن كعب، يقول بعض من رآهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رأينا وفدا مثلهم، وقد حانت صلاتهم، فقاموا فصلوا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوهم فصلوا إلى المشرق، فكلم السيد والعاقب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلما، فقالا: قد أسلمنا قبلك، قال: كذبتما منعكما من الاسلام دعاؤكما لله ولدا، وعبادتكما الصليب، وأكلكما الخنزير، قالا: إن لم يكن عيسى ولد الله فمن أبو ه؟ وخاصموه جميعا في عيسى، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا ويشبه أباه؟ قالوا: بلى، قال: ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت، وأن عيسى أتى عليه الفناء؟ قالوا: بلى، قال: ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شئ يحفظه ويرزقه؟ قالوا: بلى، قال: فهل يملك
(٦١)